مجزرة حمام الشط في تونس
في 1 أكتوبر 1985، شنّت "إسرائيل" غارة جوية عنيفة على مدينة حمّام الشط في تونس، استهدفت مقرّ قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في محاولة لاغتيال ياسر عرفات.. الهجوم أسفر عن استشهاد 50 فلسطينياً و18 تونسياً وإصابة أكثر من 100 شخص، إضافة لخسائر مادية فادحة. ورغم أن عرفات نجا بسبب تغيّبه المفاجئ عن الاجتماع، فإن العملية كشفت خرقاً صارخاً للسيادة التونسية، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً وأدى إلى إدانة دولية نادرة لإسرائيل من مجلس الأمن. بعد عقود، لا تزال مقبرة حمّام الشط شاهدة على الجريمة، فيما يستمر التونسيون بالمطالبة باعتذار رسمي وتعويضات مستحقّة.
نص الحلقة
هنا في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، مدينة حمّام الشطّ حيث ترقد جثامين فلسطينيين وتونسيين وتمتزج دماؤهم بتراب هذا المكان، وذلك نتيجة أعنف قصفٍ جوّي تعرّضت له تونس في تاريخها. الجاني إسرائيل والضحايا تونسيون وفلسطينيون، فماذا حدث هنا؟
عام 1982 تنطلق البواخر إثر اجتياح إسرائيل لبنان وحِصار بيروت وقصفها على مدار 88 يوماً، تحمل على مَتْنِها مُقاتلي منظّمة التحرير الفلسطينية إلى عدّة دول عربية ومنها تونس التي ستصبح مقرّ منظّمة التحرير الفلسطينية الجديد. لقد بدأ فصلٌ آخر من رحلة الفلسطينيين النضالية.
طاهر الشيخ: غادرت بواخر كثيرة إلى سوريا والجزائر باتجاه اليمن، الباخرة التي وصلت إلى تونس على مَتْنِها ما يقرُب من ألف مُقاتل كان لهم استقبال ضخم في مدينة بنزرت. خرجتُ على باخرة مع الزعيم الشهيد الراحل أبو عمّار واتّجهت بنا إلى اليونان، ثم كانت المرحلة الثانية هي إرسال الرئيس التونسي الحبيب بو رقيبة طائرة مدنية وصلنا بها إلى تونس، في قصر السعادة في المرسى قال بو رقيبة لأبي عمّار هنا سيكون مقرّ قيادتك، كنتُ أرتدي الزيّ العسكري، قال لي رئيس مكتبه اختر غرفةً لك قلتُ له في ما بعد، كان لديّ إحساس بأن عرفات لن ينام في هذا القصر، وفعلاً في الساعة التاسعة ليلاً غادرنا هذا القصر باتجاه مُعسكر وادي الزرقاء الذي كان يضمّ ألف مُقاتل ممّن كانوا مع أبو عمّار في بيروت. إيماننا كان يزداد بأن المرحلة الجديدة هي باتجاه إقامة الدولة، ولذلك كنا حريصين أن نكون أكثر نضالأً.
كان استمرار العمليات النضالية من على بُعدٍ تحدّياً لمنظّمة التحرير الفلسطينية وقادتها، من بين تلك العمليات الشهيرة في الحرب السرّية واحدةٌ جرت في ميناء لارنكا القبرصي في الخامس والعشرين من أيلول سبتمبر عام 1985، حين اقتحم ثلاثة =مُقاتلين يَخْتاً سياحياً على متنه ثلاثة إسرائيليين، رجلان وامرأة. مُنفّذو العملية هم فلسطينيان وثالثٌ بريطاني انضمّ إلى مُنظّمة التحرير الفلسطينية بعد مذابح صبرا وشاتيلا. الفدائيون طالبوا إسرائيل بالإفراج عن عشرين أسيراً فلسطينياً، لم تنجح المُفاوضات في حلّ الأزمة لتنتهي العملية بالفدائيين يقتلون الرهائن ثم يستسلمون للشرطة القبرصية. الرواية الإسرائيلية تقول إن الرهائن ثلاثة سيّاح إسرائيليين، أما الرواية الفلسطينية فتُفيد بأن القتلى الثلاثة هم من ضبّاط جهاز الموساد الكبار الذين شاركوا في عدّة عمليات لاغتيال قادةٍ فلسطينيين.
محمد إبراهيم الحصايري: عملية حمّام الشطّ لا يجب أن ترتبط بعملية لارنكا، عملية لارنكا هي عملية فدائية تمّت في إطار الحركة النضالية الفلسطينية لكن الهجوم الإسرائيلي على حمّام الشطّ هو عملية مُخطّط لها منذ فترةٍ طويلةٍ لأنها ليست عملية بسيطة، أن تنتقل مجموعة من الطائرات من إسرائيل إلى تونس على بُعد آلاف الكيلومترات وأن تأتي إلى مكان القيادة الفلسطينية وتحدّده بالضّبط، كل ذلك يدلّ على أن العملية مُخطّط لها بصورةٍ كبيرةٍ جدّاً قبل عملية لارنكا.
طاهر الشيخ: العدو الصهيوني لا ينتظر زريعة، قيل إنه كانت هناك عملية في لندن وأخرى في لارنكا وغيرها الكثير، استمرّت الحال الثورية، هذه الحال شكّلت هاجِساً كبيراً لدى الصهاينة وكانوا يحاولون التخلّص من عرفات، كانت عملية ضخمة استمرّت طويلاً ولم تأتِ كردّ فعلٍ على أية عملية، كان القرار داخل الكيان الصهيوني بوجوب القضاء على عرفات.
كانت القيادة العامة لمُنظّمة التحرير الفلسطينية تستعدّ لعَقْدِ اجتماعٍ بإشراف ياسر عرفات في الساعة العاشرة صباحاً، وقد تمكّنت الاستخبارات الإسرائيلية من رَصْد هذا الاجتماع ومعرفة جميع تفاصيله، ولذلك قرّرت مُهاجمته بهدف القضاء على قيادات المُنظّمة وعلى رأسهم رئيسها ياسر عرفات وذلك عبر ضربةٍ تنفّذها الطائرات الحربية الإسرائيلية، فبدأت قيادة سلاح الجو الإسرائيلي بالإعداد للتنفيذ وتمكّنت من الحصول على صوَر أقمارٍ صناعية دقيقة عبر جاسوسٍ لها كان يعمل مُحلّلاً في الاستخبارات العسكرية الأميركيية وهو جوناثان بولارد، كُشِفَ في ما بعد وحُكِمَ عليه بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة الأميركية.
محمد إبراهيم الحصايري: لا شكّ أن الاستخبارات الإسرائيلية قامت بعملٍ كبيرٍ، لا بدّ من أنها تعاونت مع أجهزة استخبارية أخرى ووسائل ربّما لا تمتلكها إسرائيل كالأقمار الصناعية وغيرها في ضَبْط إحداثيات الهجوم.
هبة محمود: هل عُرِف لاحقاً مَن ساعَد الإسرائيليين؟
محمد إبراهيم الحصايري: الجانب الأميركي له ضلع في مُساعدة إسرائيل على القيام بهذه العملية.
في الليلة السابقة للهجوم ياسر عرفات يصل إلى تونس في الثلاثين من أيلول سبتمبر قادماً من المغرب، وخلال خروجه من المطار تتغيّر وجهته فجأةً من حمّام الشطّ إلى مقرّ إقامة السفير الفلسطيني في تونس في مدينة المرسى حكم بلعاوي، وبسبب تأخّر الوقت يبقى هناك ولا يعود إلى مقرّ إقامته في حمّام الشطّ ثم يُقرِّر تأجيل الاجتماع المُقرّر صباحاً لكن إسرائيل لا تكون على عِلمٍ بهذا التأجيل.
طاهر الشيخ: ركِبَ معه السفير الفلسطيني حكم بلعاوي في سيارته وتحرّك الموكب من مطار تونس باتجاه حمّام الشطّ، في هذه اللحظات هَمَسَ حكم بلعاوي لأبي عمّار وقال له إن هناك ضيفاً مهماً جداً ينتظرك منذ أسبوع في ضاحية المرسى مقرّ السفير الفلسطيني.
أصدر أبو عمار أوامره بأن تخرج سيارته وسيارة السفير من الموت بينما اتّجه بقيّة الموكب إلى حمّام الشطّ، هذه المُصادفة وخروج السيارة بعد المطار لم يرصده أحد. الراصِد الثاني للموساد رَصَدَ دخول الموكب إلى حمّام الشطّ، وقد أبلغ أن عرفات وصل ونام، حين وصل عرفات اجتمع بالضيف واستمرّ الإجتماع حوالى أربع أو خمس ساعات، فاقترح على أبي عمّار أن ينام هنا فوافق وتمّ تأجيل الاجتماع الذي كان مُقرّراً عند العاشرة صباحاً لساعةٍ أو ساعتين. هناك مَن قالوا بأن عرفات كان يعلم بالمُخطّط، متى عَلِم عرفات بالضبط؟ ومتى عَلِمَت تونس بالضبط؟ الطيران الحربي الإسرائيلي انطلق من فلسطين المُحتلّة باتجاه تونس أي ثلاثة آلاف كيلومتر، خزّانات الوقود لا تكفي للذهاب والعودة، الطائرات الحربية التي هي أربع قاذِفات وأربع مُقاتلات أخرى للحماية والاشتباك توقّفت فوق سماء إيطاليا فوق جزيرة صقلية لكي تخرج لهم الطائرات الأميركية التي كانت تسمّى المُرضِعات في ذلك الوقت وكانت تزوّدهم بالوقود من أجل العودة، المسافة بين تونس وصقلية بالطيرن الحربي تستغرق دقائق. في ذلك الوقت رَصَدت المخابرات الإيطالية ثمان طائرات في الجو فتمّ إبلاغ رئيس الوزراء الإيطالي بتينو كراكسي ، هذا الرجل الشَهْم =والشُجاع اتّصل بالرئيس التونسي الحبيب بو رقيبة وقال له إن هناك طيراناً إسرائيلياً يتّجه نحوكم.
هبة محمود: عرفات عَلِمَ بالغارة كما عَلِمَ بها الحبيب بو رقيبة قبل دقائق أو قبل موعد حدوثها أم لا؟
طاهر الشيخ: ربّما اتّصل به هاتفياً، بتينو كراكسي كان يحبّ تونس وعرفات وكانت تربطهما علاقة ودّ واحترام ومحبّة، لذا ربّما يكون قد اتّصل به. رواية الحرس الخاص به تفيد بأنهم حاولوا إرجاعه ولكنه أصرّ على أن يواصل، حذّروه من احتمال حدوث غارة أخرى ولكنه أصّر على الذهاب إلى مقرّه.
نعيم أبو علي: عند الساعة العاشرة صباحاً جاءت الطائرات الإسرائيلية من البحر، وأنا في طريقي إلى حمّام الشطّ رأيتُ الطائرات وهي تُلقي الصواريخ والبالونات الحرارية فأدركت أنها طائرات إسرائيلية. شاهدتُ الدمار الذي حلّ بمكتب ياسر عرفات، غرفة رئاسة الأركان الخاصة بمكتب أبي معتصم مُسِحَت بالكامل ومكتب ال 17، الشهداء كانوا مُتناثرين في الشوارع، وقد طال القصف أيضاً سيّارات الأمن التونسي. ماتوا جميعاً، قُصِفوا بصواريخ فراغية تسحب الأوكسيجين فيهبط البناء.
معتزّ التونسي: هذا المبنى حديث البناء، هذا هو مقرّ ياسر عرفات الذي دمّرته إسرائيل، كان يتألّف من ثلاث طبقات وأصبح حُطاماً، خلفه يقع مبنى هيئة الأركان.
هبة محمود: هل تمّ قصف هذا الشارع بالكامل؟
معتزّ التونسي: نعم دمار كامل، الإدارة العسكرية، ال 17، الأمن الرئاسي، اللاسلكي، وقد اسْتُشْهِد بعض التونسيين حينها.
هبة محمود: التونسيون الذين اسَتُشْهٍدوا جلّهم من المدنيين.
معتزّ التونسي: صحيح ومنهم موظّفون.
هبة محمود: إذاً كان استهداف مدروس وممنهج لكل مقرّات القيادة الفلسطينية هنا في المنطقة.
معتزّ التونسي: بالتأكيد، مُخطّط كامل، حتى مَن نقل المعلومات "لولو" وكان صيدلانياً في حمّام الأنف وهو تونسي يهودي لم يُعثر عليه يوم الغارة، غادر تونس، هذا الشخص أعطى مُخطّط حمّام الشط لإسرائيل.
وبحسب معلوماتٍ مُتقاطِعة فإن هذا الصيدلاني كانت لديه ساقٌ خشبيّة وهذا هو السبب في أن إسرائيل سمّت العملية "الساق الخشبية".
هبة محمود: كانوا يعلمون أن هذا هو مقرّ أبو عمار ومقرّ القيادة والمقرّ العسكري.
معتزّ التونسي: نعم، كانوا يعيشون بين السكان والناس يعلمون بتحرّكات ياسر عرفات.
هبة محمود: في المُجْمَل كم بلغ عدد الضحايا؟
نعيم أبو علي: ما يُقارب المئة بين تونسيين وفلسطينيين منهم مَن تمّ دفنه هنا والقسم الآخر دُفِنوا في الأردن ومصر ولبنان، أما مَن لم يتمّ التعرّف عليهم بسبب تحوّلهم إلى أشلاء فقد دُفِنوا هنا. كان يوماً أسود على تونس وفلسطين، مجزرة وجريمة.
وفور وقوعها أعلنت إسرائيل رسمياً مسؤوليّتها عن الغارة، مُشيرةً إلى أنها قامت بها في إطار حقّ الدفاع عن النفس، كما أذاعت وسائلها الإعلامية آنذاك أن زعيم حركة فتح ياسر عرفات قد قُتِل في الغارة قبل أن يصل السيّد طاهر الشيخ إلى المكان ويكون أوّل مَن ينقل خبر نجاة عرفات.
طاهر الشيخ: في العاشرة تماماً كنتُ في المنزه في مقرّ وكالة الأنباء الفلسطينية، حين سمعنا الصوت أدركنا أنه طيران حربي. كنا في الوكالة في حال إرباك شديد وأنا كنتُ حزيناً جداً لأن هذا أبي، دخلتُ إلى مكتب رئيس التحرير وقلتُ له من فضلك أريد أن أذهب إلى =حمّام الشطّ، فقال لي هل جُننتَ هناك طيران حربي، استقلّيتُ سيارتي، من المقبرة في حمّام الأنف أو قبلها كان ضُرِب طوق أمني ضخم وبدأتُ أصبح بأنني فلسطيني من وكالة الأنباء، أجمل مشهد في حياتي رغم الحزن الشديد حين رأيتُ أبا عمّار يقف فوق الركام. وهنا اشتغل لديّ الحسّ الصُحفي، الإعلام كله كان مشغولاً بخبر الغارات الإسرائيلية على تونس ومصير عرفات غير معروف، حين رأيته حاولتُ الاتصال بالوكالة ولم أفلح، اتّصلت بصديقٍ صحافي يسكن قريباً من الوكالة وطلبتُ منه أن يذهب إلى رئيس تحرير الوكالة سليمان إبراهيم رحمه واطلب منه أن يُفرد خطاً هاتفياً لي، فاتّصلتُ بهم وأخبرتهم بأن أبو عمار لا يزال حياًّ، لقد رأيته بأمّ عيني فوق الرُكام.
نعيم أبو علي: كان ياسر عرفات موجوداً وكان الفلسطينيون والتونسيون يأتون إليه لتقديم واجب العزاء، وبعدها تمّ دَفْن الشهداء، كانت هناك حال غضب كبيرة.
معتزّ التونسي: الجميع كان في حال صدمة ولم يتوقّعوا بأن تُقْدِم إسرائيل على ضرب تونس.
المسيرات الشعبية والتظاهُرات في الشوارع على امتداد أيامٍ في تونس أظهرت الغضب على إسرائيل، وهو غضبٌ ظهر أيضاً على الصعيد الرسمي عبر مواقف الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة لتنجح تونس لاحقاً في إصدار أول قرار إدانة لإسرائيل من مجلس الأمن وهو القرار 573 وذلك إثر إنجازٍ غير مسبوق وهو امتناع أميركا عن استخدام حقّ النقض الفيتو.
محمد إبراهيم الحصايري: ردّ الفعل التونسي المباشر بعد ساعاتٍ على هذا الهجوم هو طلب اجتماع مجلس الأمن الدولي لاتّخاذ قرار يُدين إسرائيل. الرئيس ريغان في ذلك الوقت أدلى بتصريحٍ إثر العملية قال فيه إن العملية هي دفاع عن النفس، وقال إنه يثق تمام الثقة بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وهذا التصريح كان يدلّ على أن الولايات المتحدة الأميركية تُبارك بشكلٍ من الأشكال عملية الهجوم. الرئيس الحبيب بورقيبة استدعى على الفور السفير الأميركي في تونس وهدَّد بقَطْع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية إذا استخدمت الفيتو ضدّ مشروع القرار التونسي.
طاهر الشيخ: الحبيب بورقيبة كان في قمّة الغضب لأنه طُعِنَ من الأميركيين، أميركا هي مَن كانت تزوّد تونس بالسلاح، وكانت تقول نحن مَن يحمي تونس من أيّ اعتداء، لذلك فإن غَضَب بورقيبة انصبّ على السفير الأميركي في تونس في ذلك الوقت وهو كان صادقاً فعلاً.
محمد إبراهيم الحصايري: 14 دولة صوّتت لصالح القرار والولايات المتحدة بدلاً من أن تستخدم كعادتها الفيتو امتنعت عن التصويت وهذا كان في حدّ ذاته إنجازاً لأن الولايات المتحدة الأميركية كما نعلم هي أكثر دولة استخدمت الفيتو في الدفاع عن إسرائيل.
طاهر الشيخ: أصدر الرئيس الحبيب بورقيبة أوامره إلى وزير الخارجية في ذلك الوقت الباجي قائد السبسي الذي كان يتباهى دائماً بكلمةٍ جميلةٍ، أنا وزير خارجية فلسطين، وكلّفه الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة بالذهاب إلى مجلس الأمن وأن يحصل على قرار إدانة وهذا كان أول قرار يحدث في مجلس الأمن منذ نشوء قضية فلسطين حتى يومنا هذا.
الولايات المتحدة الأميركية لم تستخدم الفيتو بل امتنعت عن التصويت فمرّ القرار بإدانة إسرائيل وإلزامها بدفع تعويضات للشهداء لم تدفعها حتى الآن وكانت تُقدّر بأقل من ستة ملايين دولار.
معتزّ التونسي: هذا الشارع سُمّي "نهج القدس" وكان شاهداً على أكبر دمار حدث، هنا اختلط الدم التونسي بالدم الفلسطيني، التونسي يعتبر الفلسطيني أخاه، يحبّ القضية الفلسطيينة ويدافع عنها. لا زال لديّ الأمل بأن فلسطين ستتحرّر يوماً ما، سيأتي اليوم الذي نُبْحِر فيه من تونس إلى حيفا، سيأتي هذا الوقت.
طاهر الشيخ: هذه الوقائع التي =تُثير فخرنا تثير أيضاً الشجون في قلوبنا لكننا نحن الآن على أرض فلسطين وفي قلب هذا العدو الصهيوني نُقارعه ويُقارعنا. وضعنا قدماً في فلسطين، نقلنا المعركة من الخارج وهذا كان الهدف الأول لأبي عمّار إلى قلب هذا الكيان الصهيوني. أشبالنا وأطفالنا ما زالوا على العهد وقلنا إن الكبار ماتوا لكن الصغار لم ينسوا.
ِ
أسماءٌ كثيرة رحلت، عقودٌ فلسطينية مغموسة بدماء الشهداء وجريمةٌ إسرائيلية مُستمرّة، وفي الخلفيّة صوت مُرتكبيها وهو يصرخ بالعبرية "نقتلهم ولا يموتون" فتُجيب الضحية "نعم، هذا ما حدث.