مع حانية السادات رئیس الساداتي - كريمة الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي

العودة إلى مدينة مشهد، مسقط رأس الشهيد الرئيس إبراهيم رئيسي، لنفتح صفحات الذاكرة من منزله، ونستمع إلى الحكايات القريبة من نبض قلبه، ترويها لنا كريمته، حانية السادات رئيس الساداتي. نتحدث معها عن الإنسان قبل المسؤول، عن الأب قبل الرئيس، عن المقاوم وخادم الشعب.

نص الحلقة

 

بيسان طراف: قبل عام كنا هنا في هذه المدينة بين الجموع التي شيّعت، لم يكن مجرّد رئيس بل أبًا عطوفًا على شعبه، وقريبًا في آماله وآلامه.

وثّقنا لحظات وداع مُهيبة للرئيس إبراهيم رئيسي، شهيد الجمهور الذي كان ظلًا للفقراء والمُحتاجين، ظهيرًا للمقاومة، ونصيرًا للمُسْتَضْعفين.

كنّا بين مَن ودّعه وقد ظننا أن الرحيل نهاية.

اليوم عدنا مُجدّدًا إلى مدينة مشهد، مسقط رئيس الشهيد رئيسي، لا لتغطية حدث، بل لنفتح صفحات الذاكِرة من قلب بيته، ولنستمع إلى الحكايات القريبة من نَبَض قلبه، من كريمته حانية السادات رئيسي الساداتي، معها سنتحدّث عن الإنسان قبل المسؤول، عن الأب قبل الرئيس، عن المقاوِم وخادِم الشعب.

نعود أولًا إلى تلك اللحظات، إلى التشييع الكبير، إلى الوداع الأول.

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: في العام الذي تشرّفنا فيه بانتسابنا إلى عوائل الشهداء، كان فَقْد والدنا الشهيد العظيم صعبًا علينا ومؤلمًا، يؤلمنا أننا لم نعد ننعم بشرف التنفّس إلى جواره، وقد استوعبنا للتوّ عظيم النعمة التي كنا نترسّل فيها.

وكم كانت شخصيّته أعظم مما يُرى أو مما كنا ندرك.

الشعب الإيراني تأثّر كثيرًا بعد انتشار خبر الحادثة المُفاجئ، وقد خرج إلى الشوارع في الليلة نفسها يُصلّي ويدعو للسيّد رئيسي ورفاقه، لذلك فإن سبب المشاركة المهيبة في التشييع هو المحبّة الشديدة للشهيد، وهي محبّة وضعها الله في قلوب الناس.

هنا أودّ أن أتحدّث عن أمر عرفناه بعد الاستشهاد، وهو أن السيّد رئيسي كان خلال فترة رئاسته يشرح في بداية كل جلسة حكومية سلسلة من نَهْج البلاغة كي يرتبط المسؤولون الحكوميون عمليًا بمبادئ الإدارة والحُكم عند أمير المؤمنين. هناك موضِع يقول فيه أمير المؤمنين لمالِك الأشتر: "أشعر قلبك للرعية والرحمة بهم واللطف بهم".

وفي الشرح الذي قدّمه والدي وخاطب به المسؤولين الحكوميين، كان يقول: هذه المحبّة للناس هي المرتبة الدنيا من محبّة الله، وعليكم أن تخدموا الناس بصدق. وهذا ما كان عليه سلوكه حقّاً، فهو كان يكنّ للناس محبّة حقيقية وعميقة.

وفي المُقابلات كان يُردّد دائمًا: اعتبروني طالب عِلم خادمًا، واعتبروا حكومتي خادمة لشعبٍ نحبّه من أعماق قلوبنا.

وقد فَهِمَ الناس هذه المحبّة جيّدًا، وعندما استشهد الحاج رئيسي، بكى عليه هؤلاء الناس من أعماقهم بسبب المحبّة التي كانت تقدّم لهم لسنوات.

 

فيديو:

مواطِن إيراني: لن تلد أمٌّ رجلًا كَالشهيد رئيسي. يا حَيْف، يا حَيْف، يا حَيِف، النُخَب الطائرة ترحل واحدة تلو الأخرى.

رئيسي كان بطلًا شجاعًا يعمل لأجل إيران، إلهي أنت أدرى، كان رجلًا طاهرًا، كان نقيًا، يا حَيْف.

 

بيسان طراف: تحدّثتِ عن قُربه، وأنه كان يحمل هموم الفقراء والمُستضعفين، ونحن في الميادين كنا أيضًا قد ذهبنا إلى المحافظات البعيدة، عند الناس الفقراء التي كان قد زارها الرئيس إبراهيم رئيسي.

اليوم، أنتم كعائلةٍ، كيف تُكْمِلون هذا المسير في دعمكم للفقراء، في إتمام هذا المشوار الإنساني الذي بدأه إبراهيم رئيسي؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: لقد كان ذلك بسبب محبّته للناس، لقد كان يشعر بآلامهم، أي إنه إذا كانت هناك مشكلة اقتصادية تؤذي الناس، كنا نلمس قلقه بوضوحٍ في المنزل.

إذ كان يأكل أقلّ، ولم يكن يشعر بالراحة حتى تُحلّ تلك القضية، كان يعتبر ألم الناس ألمه.

لذلك كانت جهوده الكبيرة في جولاته المُتواصلة والصعبة لمحافظات البلاد لحلّ مشاكل الناس قَدْر الإمكان.

بعد استشهاده، قيل لنا إن الفقراء والمُستضعفين يشعرون أنهم فقدوا ملجأهم أو فقدوا والدهم.

إذا زرتِ ضريحه، ستجدين أناسًا يجلسون وينعونه بمثل هذه الكلمات.

منذ الأربعين يومًا الأولى من استشهاده وحتى اليوم، تُقام أربعينيات الخدمة وتُقدَّم للفقراء.

الناس هم مَن يقومون بتقديم الخدمات للمُحتاجين بشكلٍ عفوي في القرى المحرومة اقتداءً بالحاج رئيسي، وأحيانًا باسمه.

كما أن كثيرًا من المُساعدات التي تقدّم لشعب غزّة في مختلف المجالات تجري كلها الآن نيابة عن شهيد الخدمة واقتداءً بنهجه، أي إنه أسّس سلوكًا تلقّاه الناس، ونحن مثل باقي الناس نبذل قُصارى جهدنا لإبقاء باب الخدمات مفتوحًا.

=أمس التقيتُ بسيّدة كانت حزينة جدًا، قالت لي: السيّد رئيسي كان أبًا لنا جميعًا، أبًا لجميع الفقراء. ويقول لي كثير من الناس: إن فَقْدَ السيّد رئيسي كان أصعب عليهم من فَقْدِ آبائهم.

 

بيسان طراف: كيف يمكن أن توصفي لنا أو تُحدّثينا عن الرئيس إبراهيم رئيسي الأب والإنسان؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: بنظري، أفضل وصف يمكن أن يُطلَق على الحاج السيّد رئيسي، أنه كان إنسانًا تقيًا ورجل إيمان بامتياز.

تلك الروح الإيمانية كان لها أثرها في مُحيط الأسرة، لقد كانت شخصيّته كما وصفها سماحة السيّد القائد شخصيّة جامِعة الأطراف، وقد استخدم في وصفه أبلغ الكلمات وأدقذها.

لقد عرفناه دائمًا، سواء في حياته أو الآن بعد استشهاده، شخصيّة تقيّة جدًا، لا أذكر أنه اغتاب أحدًا أو اتّهم أحدًا زورًا.

كان يحبّنا ويحبّ أحفاده كثيرًا، كان حنونًا جدًا، ولطيفًا جدًا، وصبورًا جدًا.

كانت وصيّته لنا ومنهجه التربوي يتمثّلان في أداء الشعائِر الدينية، مثلًا أن نُقيم الصلاة أول الوقت، فكنا دائمًا نُقيم صلاة الجماعة في المنزل. كما كان يوصينا دائمًا بالمُستحبّات، فالجو التربوي الذي نشأت فيه أسرتنا كان بفضل تقواه أولًا، وبفضل شخصيّته التربوية ثانيًا.

 

بيسان طراف: إبراهيم رئيسي، كيف كان يقضي الوقت مع بناته؟ ما هي النِقاشات التي كانت تدور بينكم؟ كم كان يقضي من الوقت بينكم؟ إلى أيّ مدى كان يهتمّ بتفاصيلكم اليومية، بأحلامكم، بقراراتكم؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: كما ذكرتُ سابقًا، كان يحبّنا كثيرًا، ويكّن احترامًا خاصًا للفتيات.

كان يترك لنا مساحة واسعة لاتّخاذ قراراتنا ورَسْم مستقبلنا، ولا سيما مستقبلنا الدراسي، سواء لنا أو لباقي نساء العائلة. كان همّه أن نحقّق النموّ الدراسي والاجتماعي، لدرجة أنه كان يوفّر البيئة المناسبة لذلك قَدْر الإمكان.

ليس بمعنى أنه كان يريد توفير امتيازات خاصة له، لكنه كان يفتح المجال كأبٍ لهذا التقدّم العلمي والاجتماعي. فمثلًا إذا حدث أمر ما وحقّقنا فيه نجاحًا، كان يفرح كثيرًا ويُعبّر عن ذلك ويُشجعنا. كان يهمّه أن نتقدّم عِلميًا في المسار الذي نحدّده نحن، مع الحفاظ على الآداب الإسلامية للمرأة.

كان يدعمنا كثيرًا ويساندنا، ويقول لنا: إذا أردتم استشارة فأنا موجود، لكني أترك لكم المجال مفتوحًا وأنتم تتّخذون القرار. كان يتصرّف معنا بحبٍ وبصدرٍ كبيرين.

وكانت لديه خطوط حمراء أيضًا، أهمّها احترام كِبار السنّ في العائلة وبرّ الوالدين، كان هذا الأمر حسّاسًا جدًا لديه.

 

بيسان طراف: للشهيد إبراهيم رئيسي ابنتان، أنتِ وشقيقتكِ، من هنا أودّ أن أسأل، كيف كان ينظر إلى المرأة ودور المرأة ووجودها في المجتمع الإيراني؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: كانت نظرة الحاج رئيسي إلى المرأة هي نظرة سماحة السيّد القائد والإمام الخميني نفسها إلى المرأة في زمن الثورة الإسلامية، وقد انعكس ذلك على صعيد الأسرة أيضًا، تجاه السيّدة الدكتورة والدتنا أو تجاهنا على السواء.

فكما هو واضح، تحتلّ والدتنا من حيث التحصيل العلمي والنشاط الاجتماعي مكانة خاصة بين نساء بلدنا، وهذا لم يتحقّق لولا نظرة الحاج رئيسي وتشجيعه لها والظروف التي كان يوفّرها لها.

كان يهمّه مثلًا أن تكون زوجته سيّدة مؤثّرة، وفي الوقت نفسه ربّة بيت.

من بعض الأنشطة الاجتماعية التي كانت مهمّة بالنسبة له، على سبيل المِثال، مؤتمر النساء المؤثّرات الذي عُقِدَ عام 2022 بالتزامُن مع الأحداث التي مرّت بها إيران، ومن النقاط التي كان له رأي فيها خلال التحضير للمؤتمر أن تأتي إلى إيران سيّدات أجنبيات مؤثّرات اجتماعيًا وثقافيًا وعلميًا وسياسيًا وصانِعات قرار للتعرّف على شعب إيران ونساء إيران والاستماع إلى وجهات النظر ونقل ذلك إلى بلدانهن. هذا الحدث المهمّ جدًا تمّ بإشرافه وتوجيهاته الدقيقة.

 

بيسان طراف: يوم التشييع كان يومًا مُهيبًا، كان يومًا مؤثّرًا جدًا، ليس فقط على الإيرانيين، ولكن على الكثير من الشعوب، سواء من لبنان، من العراق، من سوريا، من اليمن، كلهم شاركوا هنا في التشييع، من باكستان، من كشمير، من الهند. أنتم كعائلة، كيف تصفون هذا اليوم وهذه المُشاركة فعلًا المُهيبة في تشييع الرئيس إبراهيم رئيسي؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: في ما يتعلّق بالمشاركة المُهيبة في التشييع ومجيء كثيرين من دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ ودولٍ بعيدةٍ إلى مشهد، أُذكّر بما قاله أمير المؤمنين: "الناس صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخَلق".

السبب في ذلك -بنظري- يعود إلى المحبّة التي كان يحملها والدي في قلبه تجاه شعوب العالم، وتحديدًا تجاه المُسْتضعفين في العالم.

ونظرًا لأن ظروف المقاومة كانت خاصة، كان قلقًا بشدّة تجاه شعوب المقاومة، وكان يبذل قُصارى جهده من أجلها، وعمل بجدٍّ للدّفع بمحور المقاومة إلى الأمام تحت ظلّ قيادة سماحة السيّد القائد، لذلك تأثّرت شعوب بيئة المقاومة باستشهاده وتألّمت حقًا لخسارته.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن أذكّر بالمرة التي ذهب فيها والدي إلى الأمم المتّحدة بعد إحراق القرآن الكريم وتدنيس حُرمته، حينها حمل المُصحف بيمينه وتحدّث عن مفاهيم القرآن السامية. هذا الفعل أثّر في قلوب المسلمين المفجوعة، كما أثّر في المجتمع الدولي، وزاد من محبّة الناس، وتحديدًا المسلمين وأحرار العالم كثيرًا لدرجة أنهم اعتبروه بطل القرآن الكريم نوعًا ما، وقد قالوا لنا هذا فعلًا.

على سبيل المِثال، أتى أناس من باكستان لتقديم واجب العزاء بوالدي، وقالوا لنا: "الشهيد رئيسي هو بطلنا لأنه دافع عن القرآن الكريم". كما أننا شاهدنا مراسِم التكريم والعزاء التي أُقيمت لوالدي الشهيد في عديدٍ من الدول العربية والإسلامية ودول العالم.

 

بيسان طراف: كان الرئيس إبراهيم رئيسي نصيرًا للمقاومة، وأيضًا للقضية الفلسطينية. آخر مَن تحدّث عنهم كانوا أطفال غزّة، وبكى من أجلهم. إلى أيّ مدى كانت فلسطين والمقاومة، سواء في لبنان، حزب الله، دعم الفلسطينيين، هذه القضايا، إلى أيّ مدى كانت حاضِرة وموجودة في المنزل؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: أتذكّر أنني في إحدى المرّات كنت أشاهِد التلفاز، وقد نُشِرَت صورة في أوائل الحرب لطفلٍ فلسطيني يبلغ من العمر ثلاث سنوات أو أربعًا، كان خائفًا من صوت صاروخ ويرتجف. نظرت إلى الحاج رئيسي فرأيته يبكي، ربما كانت المرة الأولى التي أراه فيها يبكي لغير عزاء أبي عبد الله الحسين ورثائه. سألته: "لماذا تبكي؟ هل تشعر بالمسؤولية؟" فأجاب: "نعم، كيف لا أشعر بالمسؤولية؟" كان يشعر بالمسؤولية تجاه كل طفل من أطفال غزّة. وحين قال في اجتماع قمّة الرياض: "أطفالي في غزّة"، حقًا كان يعتبرهم كأطفاله وأحفاده، وقد بذل قُصارى جهده من أجلهم خلال السنوات الثلاث التي قضاها في رئاسة الجمهورية.

كما استُخْدِمت كل العلاقات بين إيران ودول مختلفة بشكلٍ مُشرّف، والاتصالات الإيجابية والودّية التي كانت قائمة، استُخْدِمت في قضية غزّة.

أتذكّر حين بدأ طوفان الأقصى، وعندما يكون في المنزل، كان يجري اتصالات خارجية مع دول مختلفة لمُساندة شعب غزّة المظلوم، لقد كان يستثمر كل تلك الإنجازات والموارد الدبلوماسية لدى الحكومة كي يقف الجميع صفّاً واحدًا من أجل تحرير أطفال غزّة وشعبها من براثن الاستكبار العالمي.

وبجهده، وبجهود الدكتور أمير عبد اللهيان، والحمد لله، تحقّقت عملية "الوَعْد الصادق" التي كانت أفضل ما حدث لشعب غزّة في ذلك الوقت، لأنها أسعدت قلوبهم وقلوب أبناء المقاومة.

كان قادة المقاومة أنفسهم يعتبرونه شخصيّة بالِغة الأهميّة والتأثير في جبهة المقاومة، لدرجة أنه بعد استشهاده، منهم مَن جاء إلى منزلنا، ومنهم مَن اتّصل بي وأبدوا تأثّرهم بفُقدانه، وقالوا: "ماذا سنفعل الآن بعد رحيله؟". كان يعتبر قضية المقاومة قضية بلاده، وشعب المقاومة شعب بلاده. 

وفي عملية "الوَعْد الصادق" أيضًا، كان يتابع الأمر بجدّية، لدرجة أن سماحة السيّد القائد أذِن له باتّخاذ كل القرارات بنفسه ومتابعة هذا الموضوع.

ومن جهةٍ أخرى، كان استشهاده ضربة قاسية، إذ يقول حزب الله وجبهة المقاومة: "إن فَقْدَه كان بمثابة ضربة موجِعة"، وقد كان الأمر كذلك، فبعده فقدنا السيّد حسن نصر الله، للأسف، والآن هم الذين استُشْهدوا ونالوا الفوز العظيم.

 

بيسان طراف: كيف كانت علاقته بسيّد شهداء الأمّة، الشهيد السيّد حسن نصر الله؟ هل كان يُحدّثكم عنه؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: الحقيقة هي أنه من الناحية الأمنية لم يتحدّثوا كثيرًا عن علاقاتهم، لكنني كنت أعرف أن لديهم لقاءات خاصة كثيرة وعلاقة عميقة.

وكانت لدينا علاقات عائلية مع عائلته، ومع الكثير من عائلات حزب الله، والحمد لله، باستشهاد آبائنا أصبحت هذه العلاقة أعمق وأقوى، مع عائلة الشهيد السيّد حسن نصر الله، وعوائل الشهداء القادة: نبيل قاووق، والسيّد عباس الموسوي، وعماد مغنية.

أريد هنا أن أشكر كل الأعزّاء الذين يتواصلون معنا باستمرار من لبنان، قلوبنا معكم، ونشعر بالمسؤولية تجاه كل ما يحدث في لبنان، فنحن إخوة وأخوات، وإن شاء الله سنتحرّر جميعًا من هذا الاستكبار العالمي.

 

بيسان طراف: قلبي احترق، هكذا عبّر مُرشِد الثورة والجمهورية السيّد علي خامنئي حين تحدّث عن والدك بعد استشهاده. كيف يمكن أن تُوصفي لنا هذه العلاقة بين الشهيد رئيسي والسيّد علي خامنئي؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: سماحة آية الله الإمام علي الخامنئي هو الوليّ الفقيه بالنسبة إلينا وإلى والدي، وأمره مُطاع. كان والدي يذكر سماحة السيّد وأقواله باستمرار، ويقول إنه جندي عند سماحته، وكان سماحة السيّد يكنّ له المحبّة أيضًا ويخاطبه أحيانًا. وقد روى لنا الحاج رئيسي من قبل أن سماحة السيّد قال له: "استرح قليلاً"، وكان قلقًا عليه، حقًا كان يكنّ له محبّة أبوية.

وبعد استشهاده شرّفنا سماحة السيّد بزيارة لمنزلنا، وحين زرناه لاحقًا قال لنا: "ربما أنا أكثر شخص تضرّر وتأثّر أو خسر بفَقْدِ الحاج السيّد رئيسي".

أما قول سماحة السيّد عبارة "احترق قلبي"، فقد استقرّت حقًا في قلوبنا جميعًا، لقد كان جنديًا جيّدًا جدًا فَقَدَه سماحة السيّد، وخاصة أن بعض وسائل الإعلام أو بعض الأشخاص كان يكنّ بعض الجفاء للحكومة. أي كلما ظهرت فرصة لشخصٍ ما لمحاولة حلّ بعض قضايا البلاد أو بثّ روح الأمل في البلاد أو التحدّث عن الحقّ والحقيقة والعدل، فهناك مَن كان يعارِض العدل ويعارض الأمل وازدهار البلاد. وقد كان هذا الجفاء مُضاعفًا ضدّ الحاج رئيسي لأنه كان يُعبّر عن هذه المواقف بوضوحٍ شديد، ومن جهةٍ أخرى كان العدو يضرب من دون عدلٍ ومن دون رحمةٍ. كما أن كثرة الهجمات الإعلامية وغير الإعلامية ضدّه، فقد كان هذا الأمر يُزعِج سماحة السيّد أيضًا.

 

بيسان طراف: ماذا تحبّين أن تخبريه بعد مرور عام على غيابه؟ وإذا طلبنا منك أيضًا أن تصفيه بكلمةٍ كأب، ماذا تقولين عنه؟

 

حانية السادات رئيسي الساداتي: إنه يسمع صوتنا حين نصلّي وندعو له، يسمع كل ما نقوله له. أقول له إنني أشتاق إليك كثيرًا، وأطلب أن تأخذ بأيدينا. وإذا أردت أن أصفه بكلمةٍ واحدةِ فلا أجد كلمة أفضل من أنه كان تقيّاً ومؤمنًا.

ندعو الله أن يجعلنا من الصابرين، وإلا لما استطعنا تحمّل هذه المصيبة وهذا الحزن على فراقه، فهو لم يكن لنا أبًا عاديًا، بل كان أبًا عظيمًا جدًا.