23 يوليو ... زمن جديد

في ظلّ الجرح الفلسطيني النازف والعدوان الصهيوني المتصاعد، تستحضر الحلقة ذكرى ثورة 23 يوليو كدرس تاريخي لا مجرد مناسبة، مؤكدة أن الثورة وُلدت من رحم نكبة 1948 ومن إدراك جمال عبد الناصر أن تحرير فلسطين يبدأ بتحرير العواصم العربية من الاستبداد والتبعية. ورغم قسوة اللحظة الراهنة، فإن دروس يوليو تمنحنا الأمل بأن أمتنا، كما تجاوزت نكبة الأمس، قادرة اليوم أيضًا على مواجهة التحديات والنهوض من جديد، إذا ما استعدنا إرادة التغيير واستخلصنا العبر من تاريخنا.

نص الحلقة

 

حمدين صباحي: تحيّة عربية طيّبة. 

نحن في لحظة شدّة، جُرحنا في فلسطين ينزف، وعدوّنا يُنذرنا بمشروع هيمنة جديد بنظامٍ إقليمي يتسيّده الصهيوني وتستتبعه أمّتنا العربية والإقليم. نتساءل بلهفة: كيف يمكن أن نردّ هذا العدوان؟ كيف نوقِف سَيْل الدم؟ كيف نتصدّى للعدو، صهاينة وأمريكان؟ كيف نستنهض قوّتنا الكامِنة؟ نحن نواجه السؤال الصعب، ونبحث عن الإجابة الصحيحة، ونريد أن نستنهض الأمل.

تحلّ علينا ذكرى 23 يوليو، الثورة الأكبر والأكثر تأثيراً وتغييراً في أمّتنا العربية في تاريخها الحديث. وفي هذه اللحظة، لا بدّ من أن نسترجع ما كانت عليه أحوال أمّتنا العربية ومصر، القُطر الأكبر فيها، عام 1952. عندما تفجّرت الثورة، كانت النكبة في 1948 لا تزال همّاً يُخيّم على الجميع. انُتزِعَت أرض فلسطين غَصْباً، وهُزِمَت جيوش العرب، وأُعلِن الكيان الصهيوني كحقيقةٍ غُرِسَ في قلب الأمّة خنجراً بعد سَيْل الدم الفلسطيني والتغوّل الصهيوني. وبعد كل ما قدّمنا من شهداء عِظام، وبعد الخُذلان الواسع لغزّة الأبيّة الباسلة، هل فينا مَن يحمل هذه المشاعر التي كان يحملها =جيل سَبَق بعد نكبة 1948؟ هل في الإمكان أن تقدْرَ الأمّة على مواجهة الشدّة التي تعيشها كما استطاعت أن تواجه النكبة بعد 1948؟ نعم، في الإمكان.

أول معنى لثورة 23 يوليو أنها ولِدَت من قلب فلسطين، من قلب القضية الفلسطينية. قائد هذه الثورة، جمال عبد الناصر، يقول في مذكّراته التي كتبها بنفسه وهو مُحاصَر في الفلوّجة عام 1948: "لقد اكتشفنا أننا لا نحارب فقط من أجل فلسطين، وإنما نحارب من أجل كرامتنا". 

وحين عاد بعد النكبة، إذا كنا نريد أن نحرّر فلسطين، فعلينا أولاً أن نحرّر عواصمنا العربية. لا نحتفي فقط، وهي جديرة بالاحتفاء، ولا نتذكّر بفخرٍ عَظَمَتها وأمجادها، بل نتعلّم ونستفيد من انكساراتها وأخطائها. ولكن نريد أن نستخلص من درس 23 يوليو ما يُعيننا على مواجهة اللحظة وصنع المستقبل. من لا أمس له، لا غد له، والذي لا يتعلّم درس التاريخ، لا يستطيع أن يصنع المستقبل.

=أمّتنا العربية ككل الأمم، عندما تخوض صِراعاً مع أعدائها ومع مشاكلها ومع عيوبها، حتى تصنع مستقبلاً يحقّق حياة كريمة لهذه الأمّة وأفرادها. هذه هي الحقيقة، لديها أسلحة عديدة جدّاً، أحد هذه الأسلحة هو سلاح الذاكِرة. الذاكِرة موضوع للصِراع، لأن التاريخ قابِل للإثبات أو التشويه. وعندما نقول هناك صِراعاً بين السرديّة العربية والسرديّة الصهيونية، ما موضوعها؟ الصهاينة يريدون رواية التاريخ من وجهة نظرهم، ويلغون حقائق نعرفها في تاريخنا. الحرب على العقل العربي جزء منها، الحرب على =ذاكِرته، على سرديّته، على الحكاية، لأن شعباً لا يعرف تاريخه وليست لديه سرديّة تثبت داخله حقّه وقيمته وهويّته، ويبني عليها مستقبله، يكون قابلاً للهزيمة. تُهْزَم هنا، ليس في الحرب، في الميدان، بالرصاص، بل تُهْزَم من عقله ووجدانه. الأمم العافية تستخلص دروس تاريخها وتتعلّم منها، وتعتدّ بإنجازاتها لتثق في نفسها، وتتعلّم من أخطائها حتى لا تعيد تكرارها.

جزء مما نشهده، وبالذات في موسم 23 يوليو، أن الحرب الموسمية تتجدّد من أدوات مُسخَّرة ومُسيَّرة لتشويه هذا التاريخ. طبعاً، هي لا تشوّه 23 يوليو أو جمال عبد الناصر أو دور مصر أو فكرة العروبة أو فلسطين، أو تسخفّ النضال الوطني والقومي، أو تُقلّل من شأن كل إنجاز، وتضخّم في كل خطأ. هذا ليس من أجل الماضي، بل من أجل المستقبل. لأن الذاكِرة جزء من أسلحة المستقبل. واستقامة سرديّة وطنية أو قومية أو حتى إنسانية للفرد في نظره لنفسه، هي جزء من قُدرته على مواجهة التحدّيات التي تُفرض عليه والتقدّم للأمام.

نحن نقول أحياناً إن النسيان نعمة، لكن ليس نعمة في كل الأحيان. النسيان أحياناً نقمة، أو كما يقول نجيب محفوظ: "آفة حارتنا النسيان". مطلوب من الأمّة العربية أن تنسى، هذا هدف أعدائها. مطلوب أن تشوّه الذاكِرة العربية. مطلوب ألا تكون هناك سرديّة، حكاية، رواية للعرب تؤكّد حقّهم وتمنحهم الأمل في أن يصنعوا مستقبلهم.

لذلك نحن دائماً نقول إن المقاومة جزء جوهري فيها الوعي، المعرفة، البصيرة. وجزء رئيسي منها الوجدان، أن تبقى مُشْبَعاً على مستوى فكرتك، وإحساسك بقيمتك، اعتزازك بنفسك، بأمّتك، بهويّتك، غير قابل لأن تُسْتَلب أو تُغرّر أو تشعر أنك قليل أو تُلبسنا حال الدونية التي يريد العدو أن ينزلنا إليها. بينما نحن أمّة تستحقّ العلوّ والفخر بنفسها، والاعتداد بتاريخها، واليقين في أنها تصنع المستقبل.

الحقيقة أن 23 يوليو كانت موضوعاً رئيسياً وليس الوحيد من بين موضوعات الحرب =على الذاكِرة والسرديّة. لأنها تريد أن تضع العربي، وطبعاً المصري جزء من أمّته العربية، في موقع الشعور بأنه غير قادِر، غير مؤهَّل. مَن القادِر، مَن المؤهّل، القوي؟ ليس نحن، القوي أمريكا وإسرائيل. لذلك هناك أهميّة لأن نُعيد الاعتبار لاحترامنا لتاريخنا. من بين ما ينبغي أن نُعيد إليه الاعتبار هو ثورة 23 يوليو 1952 في مصر، التي غيّرت وجه أمّتنا العربية وليس مصر فقط، وحقّقت إنجازاً هائلاً. إذا كانت الثورة هي عِلم التغيير الجذري العميق الشامل في المجتمعات، فلا أحقّ بهذا التوصيف من ثورة 23 يوليو.

لكننا اليوم لا يتّسع المقام لأن نسرد ونروي قِصَصاً وهي موجودة. وقبل أن نستردّها كما الأعداء يحاولون إخفاءها أو تشويهها أو ينسونا إيّاها، ما نريد أن نستخلصه من 23 يوليو هو الفكرة، لأن الفكرة هي الأبقى. إذا كانت هناك فكرة تملأ عقلك وتقتنع بها قلباً أو تستريح إليها، فأنت تعرف طريقك. لكن إذا ضاعت الفكرة، لم يعد هناك هدف، وأصبحت سهلة المنال من أعدائك. قيمة 23 =يوليو أنها بلورة فكرة لمصر عن نفسها، وعن دورها، وعن حقّها، وعن قُدرتها، وعن أمُتها. وعَظَمَة 23 يوليو، وعَظَمة رمزها العظيم جمال عبد الناصر، أنه لم يخترع هذه الفكرة. لم يأت بها لأنه مُفكّر جالس يستنبط عقلياً ما الأفضل، لكن جاء بها باعتباره موجوداً في قلب الناس، في قلب شعبه وأمّته، يشعر بوجعها ويحلم معها، واستطاع أن يضع يده بوضوحٍ على مُرتكزات هذه الفكرة.

أولّها عروبة مصر. كانت مصر تتنازعها مشكلة في الهوية: هل هي متوسّطية، أم فرعونية، أم إسلامية، أم عربية؟ عروبة مصر لم يخترعها جمال عبد الناصر، كانت موجودة. لكن الذي أعطاها مكانتها وجعلها جزءاً مؤسّساً من هويّة مصر ولغتها الرسمية، وأدائها، وحاكماً ومحدّدًا لأدوارها، هو جمال عبد الناصر وثورة 23 يوليو. فكرة الاستقلال الوطني، وهذه فكرة حارب من أجلها أجيالٌ من المصريين وفي كل أقطار العرب. في الأمّة كان هناك مَن يحارب من أجلها. لم يخترع جمال عبد الناصر فكرة الاستقلال، لكنه أكّدها وأعطاها مكانتها. والأعظم أنه أنجزها، لأنه على يد 23 يوليو انتهى الاستعمار البريطاني الذي احتلّ مصر من عام 1882.

 

تقرير:

لم تكن ثورة الثالث والعشرين من تموز يوليو في وجهة ملكية عربية تقليدية من أجل الانتقال إلى حُكمٍ جمهوري شعبي فحسب، بل كانت حركة قادتها مجموعة من الضبّاط في الجيش المصري سعياً نحو طموحات كبرى تتجاوز واقع مصر الداخلي إلى دورها المنوط بها بوصفها قلب العالم العربي ومُحرّكه التاريخي. كانت القاهرة صِلة الوصل بين شرقي الأقطار العربية وغربيها، ولا تزال كذلك، لأنها أخذت من التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا ما يجعلها بوابة عبور مركزية لأيّ حَدَث يمسّ العروبة والإسلام. لكن جوارها لفلسطين ووقوع الأخيرة تحت احتلال إسرائيلي مدعوم غربياً خَلَقَ أمامها تحدّياً كبيراً لا يزال ماثلاً حتى اليوم.

كل ما سبق كان في وعي النُخبة المصرية أولاً، وضبّاط كجمال عبد الناصر ورفاقه في تنظيم الضبّاط الأحرار. فقادوا تحرّكهم يوم الثالث والعشرين من تموز يوليو عام 1952، وأطاحوا الملكية التي كانت ترعاها لندن. هكذا باتت أمام الضبّاط الأحرار جملة تحدّيات كبرى تتلخّص في ما يلي:

1. إسقاط الملكية الدستورية والأرستقراطية في مصر والسودان.

2. إنشاء جمهورية عربية قومية وتبنّي أجندة مُناهضة للإمبريالية.

3. الإسهام في تحرير فلسطين واسترجاع حقوق شعبها المهجَّر.

4. إنهاء الاحتلال البريطاني وتأمين استقلال السودان.

5. كَسْر الثنائية الشيوعية الرأسمالية وتعزيز عدم الانحياز الدولي.

 

جمال عبد الناصر: الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، شركة مُساهمة مصرية.

 

من جرّاء هذه العناوين، كان العدوّان الأوّلان هما بريطانيا وفرنسا اللتان بدأتا تخسران نفوذهما في المنطقة، وكذلك إسرائيل كيان الاحتلال الناشئ قرب الحدود. ومن وراء هؤلاء جميعاً الولايات المتحدة التي جاءت لتَرِث الأرض العربية وثرواتها وقرارها، وتجلّى ذلك في العدوان الثلاثي عام 1956. رغم مرور سبعة عقود على هذه الثورة ونجاحها في تحقيق جزء كبير من أهدافها، وخاصة جلاء القوات البريطانية، فهناك جزء آخر لا يزال قائماً حتى اليوم في واقع إقليمي ودولي يُهدّد الأمن القومي العربي عموماً ومصر خصوصاً.

 

حمدين صباحي: أضاف جمال عبد الناصر فكرة جوهرية، ليس لأنه اخترعها، لكن لأنه أنزلها مَنْزِلتها. أعطاها قيمتها: التنمية المستقلّة والعدالة الاجتماعية. تريد أن تبقى =مستقلاً. الاستقلال ليس عَلَمًا ونشيدًا وكرسيًا في الأمم المتحدة. تريد أن تبقى مستقلاً، اصنع خُبْزَك من زَرْع يديك، وتقدّم اقتصادياً، واجتهد، ولا تمدّ يدك للغير. اعمل تنمية مُتوازنة متكاملة تستطيع فيها أن توفّر للإنسان في أمّتك حقّه بحياة كريمة. هذه هي العدالة الاجتماعية.

العدالة الاجتماعية هي قيمة إنسانية، وموجودة في كل فلسفات وديانات الدنيا، وهي بالتأكيد موجودة كقيمةٍ مركزيةٍ في الحضارة العربية الإسلامية. جمال عبد الناصر أعطى هذه الفكرة مكانتها. كان الناس يحلمون بعدلٍ اجتماعي، لكنها كانت تعاني من الحَفاء. في مصر، كان الملك يقوم بمشروعات للقضاء عليه. عندما جاء جمال عبد الناصر، أنجز الإصلاح الزراعي، وبعده قاد ثورة التصنيع. ومن أجله، بنى السدّ العالي، ومن أجل بناء السدّ العالي، أمَّم قناة السويس وسنّ قوانينها الاشتراكية. لا نريد أن نفيض في الإجراءات، نحن نريد أن نتحدّث عن فكرة. وكان يعلن فكرة رئيسية: ما القيمة أن المصري في مصر أو العربي في أيّ قُطر عربي، أو ما ينبغي للإنسان في أيّ مكان أن تبدأ حريّته بحرية لقمة عيشه. أن يكون قادراً على أن يعيش حياة كريمة، أن ينال نصيباً عادلاً من ثروته، وأن ينتهي عصر أن 1% من الناس يحتكرون 90% من الثروة، وأن العشرة في المئة يوزّعون ليكفلوا الفقر والحرمان للـ90% من الشعب.

هذا الترابُط ما بين عروبة مصر، الاستقلال الوطني، العدالة الاجتماعية، التي لا تحقّقها إلا التنمية المستقلّة، كانت أركاناً للفكرة التي بلورتها ثورة 23 يوليو. هل يمكن لفكرة عظيمة كهذه أن تقوم من دون إدراك لموقع مصر، كما أكّدت هويّتها العربية في عالمها ومحيطها الإقليمي؟ لا، كانت 23 يوليو واعية للارتباط ما بين نضال مصر الوطني ونضال أمّتها العربية، هي هويّتها الحضارية ودائرتين إثنتين: الدائرة الإفريقية والدائرة الإسلامية. هذا الكلام الذي كتبه عبد الناصر في فلسفة الثورة مُبْكِراً، وشكّل إطاراً لتحرّك فكرة هي إنسانية بقَدْر ما هي إسلامية وإفريقية وعربية ووطنية مصرية.

هل نستطيع أن نقوم بهذا من دون ديمقراطية؟ من دون حضور للشعب، من دون أن يصنع الشعب هذا المصير؟ هذه الفكرة من أجل الناس، لا يمكن أن تحقّق من دون الناس. هذه أيضاً كانت فكرة جمال عبد الناصر، لكن كما أنجز في مُرتكزاته التي ذكرناها جميعاً، أفق في الديمقراطية السياسية. نجح في الديمقراطية الاجتماعية، كان يقول: رغيف العيش هو الضمان لحرية تذكرة الانتخابات. أمن رغيف العيش، لكن لم يتمكّن من أن يُكمل المشوار لكي يؤمّن حرية التداول السلمي للسلطة، والدولة المدنية، وسيادة القانون، والديمقراطية.

=لكن عَظَمَة الفكرة أنها، بما أنجزت وبما أخفقت فيه، شكّلت صورة للمستقبل الذي يسعى إليه شعب مُرتبط بأمّته العربية، وفي إطار عالمه الواسع. فكان لنا شيء ذو قيمة يبقى من إرثٍ عظيمٍ لثورة 23 يوليو، هو دور استثنائي لزعيمها وزعيم الأمّة الأكبر جمال عبد الناصر. فهو هذه الفكرة، الفكرة هذه هي المشروعة: مشروع وطني، مشروع النهوض القومي، مشروع صياغة المستقبل. لذلك عندما نحتفل في 23 يوليو، نحن لا نؤدّي واجب احترام لتاريخ بقَدْر ما نؤدّي واجب التسلّح لصناعة المستقبل.

 

معن بشور – رئيس المركز العربي الدولي للتواصُل والتضامن: نحن دائماً كنا بحاجةٍ لمشروع عربي جديد، وأعتقد أن كل ما تشهده المنطقة منذ عشرات السنين هو لمنع قيام هذا المشروع الذي يوحّد كلمة العرب ويوحّد كلمتهم أيضاً مع دول الجوار الإسلامية والقومية. ولعلّ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد اختصر حاجة الأمّة إلى حلف بين الأمّة العربية وبين المسلمين في العالم، وبين القارّة الإفريقية. وبعد ذلك في باندونغ، دول عدم الانحياز، كان يلخّص حاجة الأمّة العربية وحاجة العديد من الدول التي نهضت من الاستعمار القديم لمواجهة التحدّيات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية. وأعتقد أن هذا الأمر يجب أن يبقى دائماً حاضِراً في ذهن كل المُناضلين العرب من أجل مشروع عربي يقوم على فكرة الوحدة العربية، والديمقراطية، والاستقلال الوطني والقومي، والتنمية المستقلّة، والتجدّد الحضاري، والعدالة الاجتماعية. هذه عناوين المشروع النهضوي العربي.

هناك تمايُز بين المشروع الرسمي والمشروع الشعبي. بالتأكيد، للمشروع الرسمي العربي حسابات عديدة تتعلّق بطريقة إدارة الدول، وإدارة العلاقات الدولية، ومُراعاة بعض الاعتبارات الدولية. لكن مشروع الشعب العربي هو مشروع مفتوح بأهدافهم، مشروع مفتوح في قواه، مشروع مفتوح في توجّهاته. نحن من دُعاة التكامُل بين المشروعين، ومن دُعاة ضغط أهل المشروع الشعبي العربي على المشروع الرسمي العربي، لكي =يتقيّدوا بما تريده الأمّة من وحدة، ومن تقدّم، ومن عدالة، ومن ديمقراطية على كل المستويات. هذه هي الفكرة الأساسية التي قام عليها المشروع القومي العربي الذي يضمّ عروبيين وإسلاميين ويساريين من كل الأطياف، من أجل الضغط على حكومات بلادهم للتكامُل على مستوى الأمّة، ولتكامُل الأمّة مع أمم الجوار الإسلامية والإفريقية في وجه أعداء الأمّة.

 

تقرير:

مواطن من تونس: المشروع الوطني تجلّياته يجب أن تحصل في مصر وسوريا وتونس والمغرب، ولكن تقريباً بنفس المواصفات. البوصلة هي فلسطين. 

مواطن من العراق: إذا راجعنا ثورة الضبّاط الأحرار في مصر وقيادة عبد الناصر ومجموعة من الضبّاط الذين كانوا معه، طبعاً انقلبوا على النظام المَلَكي في ذلك الوقت على الملك فاروق. عدوى هذه الثورة أصابت حتى العراق، نحن رأينا ثورة عبد الكريم قاسم والضبّاط الأحرار أيضاً في العراق.

مواطن من تونس: الشعوب لا تنكفئ، والمقاومة موجودة داخل ضمائر كل مواطن عربي. 

مواطن من تونس: الشعوب أصبحت توّاقة اليوم، خاصة وأن هناك علاقة بالقضية الفلسطينية.

مواطن من العراق: اليوم نحن نعيش لحظة مفصلية قومية، صِراع ما بين المركزية الأمريكية، المركزية الغربية، والمركزية الإسرائيلية. أعتقد أن هذا الصراع ربما سيحسم المُعطيات المُستقبلية، ورائحة النصر، ورمزية النصر ربما تخلق أملاً.

مواطن من تونس: وبالتالي، هذه ثورات لها مشروعية تاريخية، والشعوب تقوم بها.

 

=مواطِنة من تونس: ثورة يوليو باقية، جزء كبير منها باقٍ، بالرغم من استهدافها من طرف العملاء والأعداء والصهيونية العالمية والماسونية، وكل الحركات التي تتربّص بأمّتنا وبوطننا، وتحاول أن تؤبّد هذه الوضعية من التقسيم والاستغلال والاستبداد.

 

حمدين صباحي: إذا كان مشروع 23 يوليو هو أعظم ثمارها التي نستطيع أن نستفيد منها لصناعة المستقبل، فيجب أن نعرف أن هذا ليس مشروعاً لنظام حُكم سياسي، بل مشروع يُعبّر عن فكرةٍ ساهمت الأمّة كلها في صياغتها بمفكّريها ومُناضليها وتجاربها، وبأشواق وأحلام ناسها التي تُعبّر عنها. وربما يكون مفيداً لمَن يريد أن يثبت داخله رؤية أكثر عُمقاً لمشروع النهضة العربية أو المشروع الذي تبنّته 23 يوليو وغيرها من حوارات التحرّر في الوطن العربي. الملامِح الرئيسية لهذا المشروع أن يعود لبُعد الجهد الفكري. هنا أذكر مقدراً ثلاثة من أهمّ المفكّرين العرب الذين عمّقوا مشروع 23 يوليو، مشروع الوجود العربي، المشروع القومي العربي.

أولّهم الدكتور جمال حمدان، جمال حمدان فيلسوف الجغرافيا العبقري الذي لديه إبداع =مُتكامِل. العُمدة في كتابه عن شخصية مصر، دراسة في عبقرية المكان، وكتب طبعاً عن رؤيته للصراع العربي الإسرائيلي كتابة مُعمّقة. أودّ أن أقول إن واحداً من صنّاع أو مُعمّقي مشروع 23 يوليو كان الدكتور جمال حمدان. له تعبير الحقيقة فيه عُمق أن كل وطني مصري يُقدّر دور مصر بتاريخها وبموقعها الجغرافي، ويدرك هذا الدور ويدافع عنه، هو ناصري سواء وعى ذلك أم لم يعه.

=هذا الكلام يقول فيه جمال حمدان ما نعتقد في صحّته أن الناصرية هي مشروع الوطنية المصرية الجامعة. ليس مشروع مجموعة ولا نظام حُكم ولا فرقة أيديولوجية، هو مشروع حركة وطنية مستمرّة في حلقاتها، سلّمت جيلًا وراء جيل. رايتها تطوّرت ومع 23 يوليو تبلورت وأصبحت مشروعاً للوطنية المصرية.

أقول هذا الكلام لأنه لديّ أصدقاء اتّفق معهم واحترمهم، لا يحبّون جمال عبد الناصر، هذا حقّهم، لكن لا يستطيعون أن يكونوا ضدّ العدالة الاجتماعية ولا الاستقلال الوطني ولا مقاومة الصهيونية ولا الوحدة العربية ولا الانفتاح على العالم، ولا الجَذْر الحضاري للحضارة العربية الإسلامية التي =صنعها المسلمون والمسيحيون مع بعض على مدى 14 قرناً. هذه صُلب فكرة عبد الناصر. في ناس لا تحبّ عبد الناصر، لكن تحب هذه القِيَم الكبرى والمعاني.

=المُفكّر الثاني العظيم هو الدكتور عصمت سيف الدولة، عُمدة الفكر القومي العربي، والذي نظر إلى الناصرية باعتبارها نظرية الثورة العربية. نقلها من أنها مجرّد أحداث ووقائع وقرارات إدارية وأداءات لنظام حُكم، حتى يستخلص روحها التي هي أهمّ من إجراءات النظام السياسي. وصاغها في رؤية نظرية تحدّد منطلقات ومقاصد وتقول غايات وأساليب ننتقل بها عبر منهج ورؤية. كان لتنظير عصمت سيف الدولة دور هام ويبقى.

المُفكّر الثالث هو الدكتور نديم البيطار، إبن عكار في شمال لبنان، والذي درس في جامعات أمريكا وكندا طويلاً، والذي استخلص من دراسته للتاريخ ما أسماه العوامِل الثلاثة الرئيسية للانتقال من التجزئة إلى الوحدة، وهي وجود مخاطر خارجية، وهذه متوفّرة بكثرة في وطننا العربي، وأهمّها الكيان الصهيوني.

الإقليم قاعدة، وكان رأيه أن مصر هي الإقليم القاعدة بوزنها في الجغرافيا والتاريخ والسكان، والقيادة الكاريزميّة التي منحها جمال عبد الناصر كما منحته الأمّة كلها له. طبعاً، الدكتور لديه من موقع الولاء لتجربة 23 يوليو وللفكرة القومية نقد جادّ، بالذات ما بعد نكسة 67. لماذا أشير لهؤلاء الثلاثة؟ الدكتور جمال حمدان، والدكتور عصمت سيف الدولة، والدكتور نديم البيطار لأقول إنهم نموذج وليس حَصْرًا بمُفكّرين وباحثين ومُجتهدين عرباً من المحيط للخليج عمّقوا فكرة المشروع النهضوي العربي الذي مارسته 23 يوليو ورفعته وبشّرت به وحاولت تطبيقه. نجحت في بعض واخفقت في بعض، لكن فكرة المشروع النهضوي العربي من هذا الوقت اكتسبت زُخمًا وعُمقاً فكرياً وحضوراً سياسياً. كما ميّزنا ما بين النظام السياسي ل23 يوليو والمشروع الذي طرحته الفكرة، يجب أن نكون أمناء مع تاريخنا وجادّين في نقده، لأن ممّن يتجاهله كثير من نقّاد 23 يوليو، وخصوصاً مَن يقولون: "هذه نتائج 23 يوليو، وهذه نتائج نظام يوليو". وأنتم ترون ما الذي يجري في مصر والوطن العربي. الحقيقة التي يجب أن نعرفها بجدّية أن ثورة 23 يوليو استمرّت في السلطة منذ قيام الثورة حتى سنة 79. مشروع يوليو انتهى وسقط من الحُكم بعَقْد معاهدة كامب ديفيد. جمال عبد الناصر رحل إلى رحمة الله في 28 سبتمبر 70، لكن النظام الذي أسّسه والسياسات التي =اتّبعها ظلّت تعمل بدرجةٍ من التناقُص. كان أهمّ محطة فيما أسمّيه الردّة على المشروع الناصري أو مشروع 23 يوليو هو اتفاقية أو قوانين رأس المال العربي والأجنبي التي فتحت نظام الاقتصاد المصري وتأثيره على الحال الاجتماعية للمصريين، بما سمّي نظام الانفتاح الاقتصادي. هنا بدأ الارتداد عن فكرة العدالة الاجتماعية، بَيْع القطاع العام، تغذية قطط سِمان من الرأسمالية الطُفيلية الخاصة، شكّلوا الطبقة الجديدة وأورثوا الفقر للمصريين. هذه كانت خطوة رئيسية لانتهاء نظام الناصرية أو نظام 23 يوليو، لكن الضربة القاضية التي أخرجت 23 يوليو من السلطة في مصر كانت في 79 عندما وقَّع مع العدو الصهيوني معاهدة كامب ديفيد.

 

حمدين صباحي: نحن أمام نظامين ليسا مختلفين ولا مُتناقضين. الذي يحكم مصر منذ 79 نظام ضدّ 23 يوليو، ضدّ مشروع 23 يوليو. 23 يوليو كانت تقول استقلالاً وطنياً وعداء لأمريكا والصهيونية. الردّة تقول: "أمريكا في يدها 99 بالمئة من أوراق اللعبة". 23 يوليو مع العدالة الاجتماعية، الردّة تقول: "انفتاح". 23 يوليو تقول تحرير فلسطين، الردّة تقول: "كامب ديفيد". 23 يوليو تقول نحن جزء من نضال في العالم باعتبارنا في قلب أمّتنا العربية وقلب حركة التحرّر الوطني. نظام الردّة يقول: "مصر أولاً". ليس بمعنى أولاً ولاحقاً، هناك ثانياً وثالثاً. "أولاً وبس"، تنكفئ مصر على نفسها. الردّة تحكم مصر منذ عام 79، ولهذا من الإنصاف والعدل واحترام العقل والذاكِرة ألا أحد يحمّل 23 يوليو مسؤولية ما جرى في مصر من تراجُع على كل المستويات منذ عام 79، والأرقام دالّة على الفارق ما بين نظام كان يعبّر عن الثورة ونظام للردّة على الثورة.

هل مشروع 23 يوليو، المشروع النهضوي العربي، بكل ما فيه من أسُس واضحة المعنى والمقاصِد، وتستطيع تنوير طريقنا للمستقبل، لا زال صالحاً الآن؟ الحقيقة لا يوجد أمر صالح أكثر منه. هل لا زال =مُلائماً لأجيال جديدة لم تعش زمن عبد الناصر ولم ترَ صورته؟ نحن قلنا إن المعيار ليس التعلّق بشخص عبد الناصر ولا التعلّق ب23 يوليو، المعيار هو التعلّق بالقِيَم: الاستقلال الوطني، الوحدة، العدل الاجتماعي، الديمقراطية. هل نحن مع تحرير فلسطين؟ هذا الجيل أثبت أنه جيل الطاغي في الحضور في الربيع العربي، رَفَعَ عَلم فلسطين في قلب ميدان التحرير، وهاجم بجسده سفارة العدو الصهيوني في القاهرة. جيل الفا هو الذي يقود على هَدْي مما علّمنا إيّاه. طوفان الأقصى، المقاطعة، المقاطعة العربية الآن يقودها أحفادي. معنى هذا أن هناك أجيالاً موصولة بتراثها، واعية وجدانا أو عقلاً بهويّتها العربية. هذا يقول مَلْمح دال على أن المستقبل يبشّر بأن هذه أجيال جديدة ستعثر بطريقة واضحة على هويّتها وستجدّد هذا المشروع، لأنه كما قلنا المشروع الفكري ل23 يوليو، مشروع النهوض العربي، المشروع الناصري، أياً كان إسمه. ليس تطبيقات لنظام حُكم، تطبيقات نظام الحُكم فيها الصواب والخطأ، ونحن في عصر حتى الصواب نستطيع أن نطالب أنفسنا بما هو أصوَب منه بظروف هذا العصر. أما الخطأ، فلا بدّ من أن نكون واضحين في نقده من موقع الولاء للمشروع من المستقبل، لكي لا نقع فيه مرة أخرى. ونعود لأن ثورة 23 يوليو بدأت بفلسطين، حاربت من أجل فلسطين. في عزّ هزيمة عسكرية في 67، كان 9 و10 يونيو استفتاء شعبي ليس في مصر بل في كل العواصم والمدن العربية على استمرار النضال من أجل فلسطين مع هذا المشروع. ولا زالت المقولات الصحيحة في صراعنا مع العدو الصهيوني هي التي صاغتها 23 يوليو وبلورها المشروع القومي العربي. هذا صراع حضاري، هذا صراع وجود. فلسطين من النهر إلى البحر حقّ للأمّة. الوصول إلى هذا الهدف يحتاج تنمية =حضارية مُتكاملة، ووحدة عربية، ونهوضاً شاملاً، ويحتاج مقاومة بالفكر والعقيدة والوعي والممارسة.

23 يوليو تهلّ علينا لتذكّرنا بأننا نستحقّ الثقة بأنفسنا. جنيه مصري تنازل عنها الاتحاد السوفياتي في ما بعد. معدّلات التنمية، ونستحقّ أن نمتلك مشروعاً لمستقبلنا. ويستحقّ الذين صنعوها التحيّة، وتستحقّ مصر التي ولدت 23 يوليو فيها أن نكبّرها، وأن نتذكّر ما قاله جمال عبد الناصر سنة 48، وما تعلّمناه في هذا الصراع. لكي نحرّر فلسطين، لا بدّ من أن تعود مصر لمشروع الثورة، لمشروع النهوض، وأن تُنهي ما عاشته من الردّة، لتستردّ دورها ومكانتها ومسؤوليّتها، لأن يوم تحرير فلسطين الموعود والآتي قريباً أو بعيداً بإذن الله سيتمّ، ومصر في قلبه وعلى رأسه.

 

عبد الحليم قنديل – كاتب وصحافي: مصر في القلب كانت حتى حرب عام 1973 رأساً برأس مع كوريا الجنوبية في مُعادلة تنمية وتقدّم والاختراق التكنولوجي. مصر في القلب، كانت ديونها ببساطةٍ شديدةٍ صفراً، لأن مجموع الديون التي انتهت إليها هذه التجربة، سواء ديون التنمية أو الديون العسكرية، كانت 1,700,000,000 جنيه مصري، تنازل عنها الاتحاد السوفياتي في ما بعد. معدّلات التنمية الخارِقة التي استمرّت بين عامي 1956 و1973 بمتوسّط سنوي 6 في المئة سنوياً كانت تعدّ الآن كأنها الهدف المستحيل. أيضاً، مصر في القلب كان أول مُرتّب للخريّج بعد استلامه لعمله، أول مُرتَّب يساوي به لغة التضخّم اليوم 30,000 جنيه مصري. هذا كان هو المُرتَّب مع الوعد بأنه تعيين الخريّجين إلزامياً للدولة المصرية. الجنيه المصري كان يساوي دولارين ونصف الدولار وقتها. لا نريد أن نستطرد في بيان ما جرى، خاصة حين ندرك أن هذه الفترة شهِدَت حروباً طويلة جدّاً. قيل لنا إن هذه الحروب أنهكت الوضع المصري، وإنما يجب أن نوفّر هذه النفقات للتنمية.

ما حدث في 50 سنة تلت، رُبع قرن النهوض، أيّ ضعف هذه المدّة أو في ثلاثة أمثال المدّة التي حَكَمَ فيها جمال عبد الناصر، لم تجر أية تنمية. ذهبت كل الأموال إلى بلوع الفساد، ثم عاد الوضع في مصر وفي المنطقة إلى ما كان عليه وربما أسوأ مما كان عليه عام 52. مع المُتغيّرات، وحديث المُتغيّرات يبقى حديثنا المتعلّق بالمشروع مُنصبّاً على قِيَمه الأساسية السبع التي هي: الاستقلال والتحرير، التوحيد العربي، الديمقراطية، الكفاية والعدل، أولويّة العِلم والتكنولوجيا، التجديد الحضاري، عَوْلَمة ضدّ الهيمنة الأمريكية.

هذه العناصر الأساسية بالضبط، بالطبع في ظلّ المُتغيّرات تكتسب أو تضيف إليها صيغ تطبيقية ونظامية جديدة، لكن هذه القِي    م الأساسية لمشروعه. جمال عبد الناصر في آخر حُكمه بين عامي 1967 و1973 أجرى بنفسه مراجعات جوهرية، أظنّها الأساس الذي يمكن البناء عليه في التفاعُل مع المُتغيّرات الجديدة.

 

حمدين صباحي: في هذه الشدّة العربية نستذكر 23 يوليو، الثورة العربية، لنتعلّم درسها ونستحضر مشروعها، ونتقدّم رغم الشدّة نحو المستقبل، واثقين من قُدرتنا عليه. ولكي نُحيي مصر التي أنبتت هذه الثورة ورعتها، على إسم مصر، التاريخ يستطيع أن يقول ما شاء. أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء، بحبّها وهي مالِكة الأرض شرقاً وغرباً، وبحبّها وهي مرمية جريحة حرب. ولكي نُحيّي رمز هذه الثورة، جمال عبد الناصر، الذي استطاع عبد الرحمن الأبنودي الذي عارضه طوال حياته أن يستردّ معناه في آخر ما كتب الأبنودي بعد موت عبد الناصر بـ41 سنة في 2011.

يعيش جمال عبد الناصر، يعيش بصوته وأحلامه. يعيش جمال عبد الناصر، يعيش بصوته وأحلامه في قلوب شعوب عبد الناصر. كيف ينسينا الحاضر طعم الأصالة التي بصوته. يعيش جمال عبد الناصر، يعيش جمال حتى في موته، ما هو مات، فعاش عبد الناصر. أعداءه كرهه، وهذه نعمة، من كُره أعدائه صادق، في قلبه كان حاضنًا لأمّة، ضمير وهمّة ومبادئ ساكنين في صوت عبد الناصر.