من غزة إلى سوريا …خطة "إسرائيل" الكبرى
حماس وفصائل المقاومة الفلسطينة تعلن الموافقة على خطة وقف إطلاق النار فيردّ الكيان الصهيوني بخطة غزو مدينة غزة وتهجير أكثر من مليون فلسطيني إلى الجنوب، يحاصِر الكيان أبطال غزة بالتقتيل والتجويع من أجل هدف التهجير. يتحدث العالم عن اعتراف قادم في الجمعية العامة للأمم المتّحدة بدولة فلسطين، فيردّ نتنياهو بأنه متوحّد روحياً مع هدف "إسرائيل" الكبرى. يصفع كل الذين يدعون إلى السلام ويُلقي بالقفّاز في وجوههم، ينتقل الكيان من السلام إلى الهيمنة، ويستهدف الآن قلب العروبة، سوريا، الأمّة في مواجهة تشتدّ مع أطماع صهيونية بلا حدّ، لكنّ مآلها أن تُهزَم وتفشل لتنتصر الأرض وينتصر الشعب ويستمرّ التاريخ.
نص الحلقة
حمدين صباحي: تحيّة عربية طيّبة. حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية تُعلن الموافقة على خطّة وقف إطلاق النار، فيردّ الكيان الصهيوني بخطّة غزو مدينة غزّة وتهجير أكثر من مليون فلسطيني إلى الجنوب. يُحاصِر الكيان أبطال غزّة بالقتل والتجويع من أجل هدف التهجير. يتحّدث العالم عن اعتراف قادة الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولةِ فلسطين، فيردّ نتنياهو بأنه مُتوحّد روحياً مع هدف إسرائيل الكبرى.
يصفع كل الذين يدعون إلى السلام ويُلقي بالقفّاز في وجوههم، ينتقل الكيان من السلام إلى الهَيْمَنة ويستهدف الآن قلب العروبة، سوريا، الأمّة في مواجهةٍ تشتدّ مع أطماعٍ صهيونية بلا حدّ، لكن مآلها أن تُهْزَم وتَفْشل لتنتصر الأرض وينتصر الشعب ويستمرّ التاريخ.
طوال ملحمة طوفان الأقصى، سنتان حتى الآن، نستطيع أن نُسمّيها ملحمة انكشاف الكيان الصهيوني، انكشاف خِدعة إسرائيل، انكشاف حقيقتها: كيان مُتوحّش، عدوان مُتَغَطْرَس، إبادي، لا يحترم القانون، وقادر على أنه يرتبط بأوهامه ويَنْهَش في لحم ودم الأبرياء ويحتقر كل شرعة دولية وكل قيمة أخلاقية. وهذا الانكشاف الكبير للصهاينة هو تحوّل هائل.
رأينا حماس ووافقت على مُقْتَرح الوسطاء، هو عملياً الذي قدّمه ويتكوف سابقاً. اعتقد الجميع أننا وصلنا إلى لحظةٍ لوقف إطلاق النار، لكن إسرائيل إلا أن تؤكّد حقيقتها، وهي ضدّ أيّ سلام ومع أيّ دمار. كيف ردّت على موافقة حماس؟ ردّت بإعلان خطّة استيلاء على غزّة: عربات "جدعون 2" أو أين كان الإسم الذي سيتّفقون عليه، لكن هذا معناه أننا أمام فلسطيني صامِد ببسالةٍ على أرضه في غزّة، لكنه بين نارين: نار القتل ونار التجويع، والهدف من النارين واحد: التهجير، خطّة الاستيلاء على غزّة أو اقتحام غزّة أو حصار غزّة قبل دخولها عسكرياً. وطبعاً الصهاينة يستخدمون أيّ إسم باستثناء كلمة الاحتلال، لأن جوهر ما يفعلونه هو الاحتلال، وهم يريدون احتلالاً مُنْخَفِض التكاليف من دون مسؤولية، لأنه في القانون الدولي، كما لو كانوا يحترمونه، هم لا يريدون أية مسؤولية، لأن المُحتلّ مسؤول وفقاً للقانون الدولي.
التهجير هو حوالى مليون واثنين =من عشرة غزّاوي مُسْتَهْدفين بأن يهجّروا عنوة باتجاه ما تُسمّيه إسرائيل مناطق آمنة في الجنوب، يعني مطلوب أن يُحْشَروا على حدود مصر. نحن أمام تنفيذ عملي للتهجير الذي أعلنته كهدفٍ رئيسي، مُضْمَر ومُعْلَن عند إسرائيل، والذي رفضته مصر والدول العربية والمجتمع الدولي، وطبعاً الشعب الفلسطيني قبلهم.
إذاً نحن أمام مشروع للتهجير جارٍ تنفيذه بالقتل والنار والدمار، وبالتجويع المُتعمّد. هذا ما أعلنته الأمم المتحدة مؤخّراً في بيانٍ رسمي على لسان توم فلتشر، المسؤول عن الإغاثة أو مُنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة.
أودّ منكم أن تسمعوا النصّ الراقي، المعنى والصياغة، الذي قاله توم فلتشر.
فيديو:
توم فليتشر - وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: لا شكّ أن ما لدينا شهادة لا يمكن دَحْضُها، إنها مجاعة، مجاعة غزّة، إنها مجاعة كان يمكننا منعها، لو سُمِحَ لنا، ومع ذلك تتكدّس المواد الغذائية على الحدود بسبب العَرْقَلة المُمَنْهّجة من جانب إسرائيل، إنها مجاعة على بُعد بضع مئات الأمتار من الطعام في أرضٍ خصبة. إنها مجاعة تضرب الأشدّ ضعفًا أولًا، لكل منهم إسم ولكل منهم قصّة، تجرّدهم من كرامتهم قبل أن تسبّب حياتهم. إنها مجاعة في عام 2025، مجاعة في القرن الحادي والعشرين، تُراقب بالطائرات المُسيّرة وبأكثر التقنيات العسكرية تطوّرًا في التاريخ. إنها مجاعة يروّج لها بعض القادة الإسرائيليين علنًا كسلاحِ حربٍ، إنها مجاعة تقع تحت أعيننا جميعًا، إنها مسؤولية الجميع. مجاعة غزّة هي مجاعة العالم، إنها مجاعة تسأل: وماذا فعلتم؟ مجاعة ستطاردنا جميعًا ويجب أن تطاردنا.
حمدين صباحي: طبعاً جريمة حرب، إبادة مُتعمّدة، وعار أخلاقي، عار على مين؟ هذا السؤال الطبيعي الذي يطرح الحقيقة: عار على الجميع، ما عدا الفلسطيني الغزّاوي الذي هو هدف الجريمة، والذي هو صامِد ببسالةٍ حتى الآن ضدّ الجريمة. مَن الذين يلحقهم العار؟ الأمم المتحدة. لذلك، أعتقد أنه إذا كان هذا التقرير فيه هذه الدرجة من الجدّية والقَطْع بارتكاب الكيان الصهيوني لجريمة إبادة جماعية، ويصفها كما تستحقّ بأنها عار، فعلى الأمم المتحدة أن تتبرَّأ من السكوت على هذا العار، العار الذي يرتكبه الصهاينة، إسرائيل، لكن يتحمّله كل الساكتين عن أن يغسلوا أيديهم من هذا العار، منهم الأمم المتحدة. لهذا، من الضروري أن نطالب الآن، إذا كانت الأمم المتحدة، وهي المنظّمة المعنية بحفظ الأمن والسلام في العالم وإنفاذ روح ومبادئ ميثاقها، ميثاق الأمم المتحدة، فالمطلوب منها ليس فقط أن تُدين جريمة التجويع والإبادة في غزّة، المطلوب منها المُبادرة إلى عملٍ في حدود سلطتها، يمكنها من وقف فوري للحرب للإبادة، وإنفاذ فوري للمساعدات لإنهاء التجويع المُتعمّد في غزّة.
لكنه عار أيضاً على أهل غزّة، على الأمّة العربية التي غزّة جزء لا يتجزّأ منها، وهي أشرف وأنبل جزء فيها ومعبّر عنها، وعلى العالم الإسلامي، القمّة العربية والإسلامية، قرارها الوحيد ذو القيمة الذي اتّخذته عندما اجتمعت في بدايات الطوفان كان إنفاذاً للمُساعدات، وظلّت عاجزة عن تنفيذ قرارها حتى الآن. كفى عجزاً. لم يعد في وسع الشعب العربي ولا المسلمين في العالم ولا أصحاب الضمائر أن يتحمّلوا هذه الجريمة، وهي عار أخلاقي يمسّ كل واحد فيهم على حِدَة كفرد. لم يعد بوسع أحد مُتّسع للصبر، مطلوب إجراء ينهي هذه المُعاناة وهذه الجريمة وهذا الاحتقار الصهيوني والعار الذي يرافق كل إنسان بسبب استمرار الجريمة.
الدول العربية والإسلامية عليها =أن تبادر، لماذا لا تطلب أن تستخدم الفصل السابع؟ الفصل السابع هذا في ميثاق الأمم المتحدة، والذي يخوّل هذه الهيئة الدولية أن تنفّذ قراراتها بقوّة عسكرية لأنها تمثّل شرعية القوّة على مستوى العالم. الفصل السابع يجب تطبيقه الآن لفضّ جريمة التجويع ووقف جريمة الإبادة في غزّة. أين طلب جامعة الدول العربية؟ جامعة الدول العربية، منظّمة التعاون الإسلامي، المُقدَّم لاستخدام القوّة وفقاً للفصل السابع لوقف هذه المهزلة في غزّة، أين أهمية هذه الدول العربية والإسلامية؟ تنفّذ قرارها السابق بإدخال المساعدات تحت مظلّة الأمم المتحدة، أن تُبادر لمشروع لإكراه إسرائيل على إنهاء احتلالها للجانب الفلسطيني من معبر رفح. هذا حقّ وهذا واجب، وهذا هو طريق غَسْل العار، ثم أخيراً فتح الباب للمساهمات النبيلة العظيمة الإنسانية، التي تريد الآن أن تغسل يديها من هذا العار وتُبرّىء ذمتها وتعبّر عن رفضها الوحيد للكيان الصهيوني ووقوفها الفعلي إلى جانب غزّة.
بأنها تكسر الحِصار شعبياً في مسلسل المحاولة النبيلة لكَسْر الحِصار شعبياً. نحن في أول سبتمبر، بعد أيام، تظاهرة إنسانية راقية بالسفن تعبر البحر المتوسّط من تونس باتجاه غزّة، والدعوة للمشاركة مفتوحة لكل أصحاب الضمائر في العالم. أسطول الحرية هو طريق الإنسانية الشعبي لكَسْر الحِصار عن غزّة.
طارق عبود – خبير في العلاقات الدولية: أولاً، بالمبدأ، الإسرائيلي أو نتنياهو أو الحكومة اليمينية المُتطرّفة هي لا تريد وقف الحرب بتاتاً. وحدَّد نتنياهو شروط وقف الحرب وأهداف هذه الحرب بالقضاء كلّياً على حركة حماس، إضافة إلى البند غير المُعْلَن أو ما يُسمّى المسكوت عنه، وهو تهجير أهالي القطاع إلى مصر أو إلى أيّ مكان آخر لإفراغ قطاع غزّة. لذلك يأتي الحديث عن مُفاوضات وعن تسويةٍ لكَسْب الوقت، لأن الإسرائيليين أولاً لا يريدون وقف إطلاق النار ولا وقف هذه الحرب.
ثانياً، اليوم يعود الكلام عن مفاوضات جديدة بصيغة وتكوف وغيرها، وتحميل حماس مسؤولية الرفض، لأن الجيش الإسرائيلي اليوم يعاني في قطاع غزّة بعد حوالى سنتين من الحرب غير المسبوقة، التي استخدم فيها الإسرائيلي كل ما يستطيع وكل ما يملك، ولم يحقّق الأهداف المرجوّة. لذلك، المسار السياسي الإعلامي هو موازٍ لمسار العمليات العسكرية، ومن هنا تبديل إسم العمليات: ساعة عربات جدعون وتارة عربات جدعون 2 أو عربات جدعون زائد، ولكن كل السياق يشير إلى أن هناك معوّقاً أساسياً في تحقيق الأهداف لهذه الحرب، وهو أن المقاومة الفلسطينية ما زالت موجودة ولم تستسلم ولم ترفع الراية.
لذلك، اليوم أعتقد أن اليمين الإسرائيلي المُتطرّف بقيادة نتنياهو وبن غفير وسمودريتش يريد استكمال هذه الحرب لأهدافٍ وغاياتٍ سياسية، وليس من الضروري أن تكون أهدافاً استراتيجية.
تقرير:
=من الناحية المبدئية، سقطت أوروبا في امتحان سياسي أخلاقي إنساني حقوقي طيلة نحو سنتين من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة، سنتان من التواطؤ والدعم للقتل المنهجي.
بالغت في العداء لكل مَن ناصر غزّة ودافع عنها في الشارع الأوروبي، اليقظة المُتأخّرة التي لا ترتقي لمستوى الكارثة في غزّة لم تصل لمرحلة تحويل شعارات التنديد إلى إجراءاتٍ ملموسةٍ تعاقِب القَتَلة وتحدّ من قُدراتهم، باستثناء دول غير أساسية.
تتأرجح الدول المُقرّرة في أوروبا ولا تستجيب للمُطالبة الشعبية الواسعة بمُعاقبة إسرائيل عسكرياً واقتصادياً، فيما تستمر إسرائيل بإنجاز مشروع القضاء على القضية الفلسطينية في الضفة وغزّة. بالرغم من تلكّؤ أوروبا وانسياقها مع الموقف الأمريكي الحاسِم مع إسرائيل، فإن الصوت الأوروبي يرتفع ضدّ القتل والتجويع وليس ضدّ الاحتلال.
الشارع الأوروبي، بحركاته التاريخية ضدّ الجريمة الإسرائيلية، كان المُحرّك الأساسي الذي فرض تعديلًا في خطاب الأنظمة في القارّة.
حقيقة أن أوروبا انتقلت من التأييد المُطْلق إلى التأييد المشروط لم تكن وليدة قناعة السلطات الحاكِمة.
انفجار الشارع وضغط القوى التقدّمية والثقافية والشعبية أحراجاً للحكومات لتعدّل من خطابها بمقدار ما تسمح به السلطة العميقة للصهيونية داخل أنفاق المدن الأوروبية.
ظاهرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي قادها الرئيس الفرنسي تحت وطأة المذبحة في غزّة، ليست إلا تعبيراً عن الإحساس بالذنب والفلكلور سياسياً، طالما أنها لم تقترن بإجراءاتٍ تُلْزِم الاحتلال.
إسرائيل وحكومتها المُتطرّفة مُطمئنتان إلى أن غضب الأوروبيين من الإبادة والتجويع لن يصل إلى درجة التخلّي العملي عن تحالفهم العضوي مع الكيان.
=ولا يُخفى على أحد أن ذلك يعود لمصالح مشتركة وروابط وثيقة نُسِجَت عبر السنوات، وكثير من الجهد المشترك بفضل الوجود الفاعل للوبيات الصهيونية في أوروبا، لوبيات اختطافية تتحكّم بمفاصل السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة.
حمدين صباحي: ومن أجل أن تفتضح إسرائيل إلى النهاية، بنيامين نتنياهو تطوّع أخيراً بعد سنوات طويلة من العقيدة الصهيونية المبنية على خُرافات وأوهام وأساطير تلمودية تقول باختصار: "وطنك يا إسرائيل من الفرات للنيل". هذه العقيدة الثابتة داخل الحركة الصهيونية لم يكن هناك إفصاح رسمي عنها، فقام الله وأوقع نتنياهو في شرّ أعماله، وأفصح أخيراً، قال مسؤول رسمي في هذا الكيان ما قاله، وأنتم سمعتموه من أسبوعين في مقابلةٍ مع قناة I24 الإسرائيلية. نتنياهو يقول بأن إسرائيل الكبرى مهمّة تاريخية وروحية، وأنه نَذَر نفسه لتحقيقها.
الوضوح مُمتاز في صِراعات كبرى كالصِراع العربي الصهيوني، أخطر ما نواجهه هو تزييف الوعي أو التعمية. الوضوح في رؤية العدو وأهدافه ومقاصده وخططه شرط حتى نستطيع أن نواجهه.
ربما هذه فرصة حتى نتذكّر المُزايدات الكثيرة جدّاً التي تعرّض لها المؤمنون بتحرير فلسطين، الذين هم مع حقّ الأمّة في استرداد ما اغْتُصِب من أرضها، الذين قالوا عن حقّ: صراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود لا حدود، الذين قالوا: ما أُخِذَ بالقوّة لا يُستردّ بغير القوّة، وعلى رأس الذين قالوا هذا وأكّدوه وثبّتوه وجعلوه أرضية لوعي عربي مُتماسِك بطبيعة الصِراع العربي الصهيوني، الزعيم جمال عبد الناصر.
ولذلك، هو يُشتم يومياً على السبحة حتى الآن بسبب موقفه من الصهيونية والاستعمار، ومن العدل الاجتماعي، ومع الوحدة العربية، وغيرها من ملامِح حلمه النبيل ومشروعه القومي الكبير. كم كيلٍ من اتّهامات للحركة القومية العربية وللمؤمنين بالعروبة ممّن سمّوا أنفسهم دُعاة كامب ديفيد، كانوا يتّهموننا بأننا نحن نُغالي، ولا يوجد شيء إسمه إسرائيل الكبرى، أنتم فقط تروّجون حتى تستفزّوا الناس وتهيّئوا لهم أن إسرائيل عدوانية وتمنعوا إمكانية تحقيق السلام.
نحن رأينا هذه النماذج، وبعضهم كانوا أصدقاءنا في مجموعة كوبنهاغن التي ظهرت في مصر على ضفاف مشروع السادات. لبعضهم كان محترم واعتذر بعدما رآه، كالدكتور أسامة الغزالي حرب، وبعضهم، الله يرحمه ويغفر له، لكن هذه لحظة كاشِفة، تصريح نتنياهو عن توحّده وإرادته مع مشروع إسرائيل الكبرى يكشف هذه المُزايدات. أيضاً، هذه فرصة مهمّة حتى أدعو بإخلاص شديد وخلاف شديد مَن يردّوا دائماً على مُقترحاتنا في إدارة الصراع، وفي حلّ أزمة غزّة، وبدور مصر بالذات، يردّوا بتعبير غريب جداً: يقول لك "أنت تريد منا أن نحارب الله"، أنت تريد منا أن نحارب. سؤال مُدْهِش، معقول؟ أحد يدّعي أنه يحب مصر ويحترمها ويعرف قَدْرها تكون إجابته على مطالبنا بهذه العبارة الغريبة: "أنت تريدنا". السؤال يستنكر الحرب، تنبّهوا هذه الخطيئة التي زرعها السادات يوم ما قال بعد كامب ديفيد: "إن أكتوبر آخر الحروب". وهل هناك شخص عاقِل يقول آخر الحروب؟ ومنذ أن قال آخر الحروب، نحن حتى الآن الحرب هي فوق رأسنا، وأنتم ترونها وتعيشونها. دليل التاريخ يكذب الكذبة التي يحاول أن ينشرها مَن يقولون إن مصر لا تستطيع أن تحارب، لا يحترموا قَدْر مصر ولا قوّتها، ولا يعرفون تاريخها، ولا يعرفون دورها.
جاء نتنياهو اليوم شخصياً يقول: إسرائيل الكبرى، ماذا يعني إسرائيل الكبرى؟ يعني كل فلسطين، كل لبنان، كل الأردن، كل سوريا، وثُلث العراق، وثُلث السعودية، كل الكويت، وأكثر من ثُلث مصر، يأخذون سيناء ويصلون حتى ضفة نهر النيل. هل في مصري يحترم وطنيّته، أو عربي يحترم عروبته، يمكن أن يقبل هذا الكلام؟ وعندما نقول له: مصر مفروض عليها أن تكون حالياً في طليعة البلاد التي تُطْعِم وتُشْرِب غزّة، هذه مسؤولية قومية وأخلاقية ودينية وقانونية، وأيضاً دفاعاً عن أمنها القومي، لأن غزّة في واقع الأمر هي حائط الدفاع عن مصر، عن أمنها القومي. هذا كلام معروف تاريخياً، طول عُمر الخطر على مصر من البوابة الشرقية، هذه مَن يريد تأمين مصر وحمايتها، ومَن يريد أن يترك مصر تُستباح يهملها ويتركها تُخْتَرَق.
كلام نتنياهو خطير لأنه ينقل فكرة إسرائيل الكبرى من وَهْم مؤسّس للحركة الصهيونية ودولة الاغتصاب إلى أنها تكون مشروع قَيْد التنفيذ. يعتقد نتنياهو إن ما جرى في طوفان الأقصى من كَسْرٍ لهياكل وقوّة وعتاد ورجال وقيادات محور المقاومة وانتزاع سوريا من هذا المحور، يعتقد أنها لحظة مؤاتية حتى تنقل إسرائيل الكبرى من الشعار المُحْتَضن داخلياً في العقيدة الصهيونية للمشروع القابل للتنفيذ، ويحوّله لخطط إجرائية.
أيضاً، إعلان نتنياهو يكشف أن هذا الكيان ينتقل من الحديث عن السلام إلى الحديث عن الهيمنة، هذا يكشف أيضاً ما هو مضمون الحديث عن الشرق الأوسط الذي يريده الصهاينة ومن ورائهم الأمريكيون.
صُلب الشرق الأوسط، قاله نتنياهو في تصريحه قبل أسبوعين، هو إسرائيل الكبرى. هذه الحقيقة على الأمّة العربية أن تعيها وتتعامل على أساسها، والحرب ليست عاراً، العار هو الاستسلام، والحرب تُقاس بمقاصدها. إذا كانت الحرب عدواناً على الغير فهي مُدانة، وإذا كانت الحرب دفاعاً عن النفس فهي شرف وواجب وضمانة حياة.
حمدين صباحي: هذا الانتقال الصهيوني من السلام إلى =الهيمنة يهدّد قلب العروبة، الآن يهدّد سوريا، ويتّضح في أداء العدو الصهيوني تجاه سوريا. دعونا نتوقّف أمام تصريح مهمّ قاله أول أمس رئيس السلطة الانتقالية في سوريا، هناك ثلاث نقاط مهمّة:
الأولى: قال إن أيّ اتفاق مع إسرائيل سيكون على أساس خطّ الهدنة لعام 1974. الكلام، ما هو معناه؟ هذا كلام خطير ويفتح باباً واسعاً لشرّ مُستطير إسمه التفريط في أرض سوريا في الجولان، لماذا؟ لأن خط الهدنة 74 هذا تمّ بعد حرب أكتوبر 73، وعندما يرسم هذا الخط، الجولان موجود تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني. إذا كان رئيس السلطة المؤقّتة في سوريا يقول إن هذا الخط سيكون أساس الاتفاق، فهذا يعني ضمناً أو على الأقل يفتح الباب لأن نفهم أنه سيتنازل عن الجولان، هذا ممكن أن يحدث. هذا سؤال كبير يتعلّق بمصير سوريا من ناحيةٍ، واستقلالها ووحدة أراضيها من ناحيةٍ، وحدود الهيمنة التي ينتقل إليها العدو الصهيوني، لأنه غادر الكلام عن السلام حالياً ويطبّق بالحديد والنار، يرسم خرائط جديدة ليطبّق هيمنته.
إذا كان الحديث لن يكون عن الجولان، فعن ماذا سيكون؟ سيكون حول الأراضي التي احتلّتها إسرائيل بعد 8 ديسمبر 2024 بعد سقوط النظام السابق. نحن نتحدّث عن القنيطرة ودرعا هنا. إذا كان التفاوض له علاقة بهذه المساحات من الجنوب، فهذا يعني أن الجولان سيتمّ التفريط فيه.
النقطة الثانية: قال إن أيّ اتفاق أو قرار يخدم مصلحة سوريا والمنطقة لن يتردّد في اتّخاذه. يعني ماذا؟ أيّ قرار، الأرجح اتفاق أبراهام، وهذا يفتح الباب لأن تفسّر كثير من الاتصالات التي جرت، كثير منها غير مُعْلَن وبعضها أصبح مُعْلَناً الآن، ما بين الصهاينة ونظام السلطة الانتقالية في سوريا، أنه يمكن أن يفضي إلى ضمّ سوريا إلى اتفاقات أبراهام.
النقطة الثالثة: في تصريحاته، وهذه لا بدّ من أن ننتبه إليها جيّداً، قال إن هناك نقاشاً مُتقدّماً بشأن اتفاق أمني بين دمشق وتل أبيب. الاتفاق الأمني هذا، من المُرجّح حسب كثير من الاستنتاجات، يمكن أن يوقّع بين سوريا وإسرائيل بعد شهر من الآن على هامش انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم. ما هو مضمون هذا الاتفاق؟ ما هو المقصود منه؟
النقطة الأولى: أن يكون الجيش العربي السوري منزوع القوّة، غير قادر على أن يمثّل أيّ تهديد للكيان الصهيوني.
هنا يجب أن نضع في اعتبارنا حتى نُعيد رَبْط الأحداث، أنه بعد سقوط النظام السابق في سوريا، شنّت آلة الحرب الصهيونية حرباً ضروساً لتدمير كل إمكانيات الجيش السوري. وربما البعض دُهِش: إذا كان النظام الذي كان يمانع في سوريا ويقف ضدّ إسرائيل قد سقط، لماذا تدخل إسرائيل بكل حماقة القوّة هذه حتى تقصف كل موقع وكل معدّة وكل مصنع وكل ثكنة عسكرية جواً وبحراً وبراً تتبع الجيش العربي السوري؟ هنا الغرض كان واضحاً، وهو يتّضح الآن: مطلوب سوريا =منزوعة القوّة، جيش سوريا لا ينبغي أن يتمكّن من امتلاك لا عتاد ولا سلاح ولا عدد ولا عدّة تمّكنه من أن يحمي أرضه ويدافع عن استقلاله أو يهدّد الكيان الصهيوني.
وطبعاً في المرحلة المقبلة، لن يُسلّح الروس ولا الإيرانيون، مَن سيثسلّح؟ أمريكا، ومادام تمّ تدمير مقدّرات الجيش السوري، فأمريكا لن تورّد سلاحاً لجيش سوريا إلا لو كانت حكومتها في تل أبيب موافقة على توريد هذا السلاح.
النقطة الثانية في هذا الاتفاق الأمني المُحْتَمَل: جنوب سوري منزوع السلاح، لا عدد ولا عدّة، تكون القنيطرة، درعا، السويداء مُفْرَغة من الحضور العسكري للجيش السوري، بالكاد يمكن أن تتوافر فيها قوات شرطة في ظلّ تسليح مُحدّد ومحدود، لكي تصنع جزءاً من سياسة الكيان الصهيوني، أن يُقيم مناطق عازِلة أو أغلفة أمنية يؤمن بها أنه لا خطر عسكري أو أمني موجّه عليه.
الأربعاء الماضي، في 20 أغسطس، اجتمع وزير خارجية السلطة المؤقّتة الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية في الكيان الصهيوني ديرمر في باريس، وفي هذا الاجتماع تمّت مناقشة كثير من التفاصيل المُتعلّقة بهذه الخطّة أو الاتفاق الأمني، من بينها ممرّ إنساني، وتنبّه للتعبير "إنساني" من الكيان الصهيوني للسويداء، يربط بينهم ممرّ إنساني يدعم أهلنا في السويداء. وكعادة إسرائيل الزائِفة المُزيّفة، كما أكلت غزّة بالإنسانية، حتى تقتل أهلنا في غزّة تحت شعار زائِف أنها توزّع عليهم الغذاء إنقاذاً من التجويع، غزّة الإنسانية هذه كممرّ السلام إلى السويداء، رشّ السكر فوق الموت.
إسرائيل تقدّم لنا موتاً مؤكّداً تحت شعارات زائِفة وببعض الحلوى. نحن من بدايات هذا اللقاء الذي أتشرّف بأن أكون معكم فيه، تنبّأنا مُبَكّراً وعرضنا حلقة خاصة عن ممرّ داود، ممرّ داود باعتباره أحد المشاريع الصهيونية لعمل ممرّ أمني، عسكري، اقتصادي يبدأ من الكيان الصهيوني ويمرّ بالقنيطرة ودرعا والسويداء وقاعدة التنف على نقطة اللقاء الثلاثية بين العراق والأردن وسوريا، ثم يصل البوكمال على حدود العراق-سوريا، ثم يصعد إلى الحسكة ثم إلى أربيل والسليمانية، أي أن ينتهي على مشارف الحدود التركية والإيرانية.
ونحن فصّلنا في ممرّ داود ولن نعيد هذا التفصيل، لكن ما أقوله أن ما اتّفق عليه في باريس من أسبوع هو بداية تطبيق ما تحدّثنا عنه من ممرّ داود، وأنه ليس الممرّ الإنساني بين السويداء والكيان الصهيوني إلا المرحلة الأولى من ممرّ داود.
يمكن، من الضروري هنا أن نتوقّف في لحظةٍ سريعةٍ مركّزة للتأمّل في ما يجري في السويداء، السويداء العزيزة على قلب كل عربي، لماذا؟ لأن فيها بني معروف، بني معروف سادة جبل العرب الذين أنجبوا لهذه الأمّة بضعة من أفضل وأعظم رجالها ورموزها وقادتها، على رأسهم سلطان باشا الأطرش، قائد معركة استقلال سوريا ووحدة سوريا، سلطان باشا الأطرش العربي السوري الوحدوي. لا يليق بالمُنْتَسبين إليه أن تجري تظاهرة في السويداء ترفع أعلام إسرائيل. حزنتُ كثيراً وحِزَن كل مَن يعرف قيمة الدروز، كل مَن يعرف قيمة طائفة الموحّدين، أن قلّة منهم ترفع أعلام إسرائيل. صحيح، دم زكي في السويداء سال ظلماً وعدواناً، ونحن ضدّ ما جرى في السويداء أو في الساحل أو إراقة دم أيّ سوري في أيّ مكان، هذه خطيئة لا يمكن التسامُح فيها، لكن خطيئة الالتجاء للعدو الصهيوني بتصوّر أنه حام هي خطيئة أكبر وأكبر. إذا كان الدم السوري ينبغي أن يُصان بوحدة وطنية سورية وبنظام يحترم كل مكوّنات سوريا ويدخلها في شراكة حقيقية في إدارة الشأن العام وديمقراطية افتقدت طويلاً ولا زلنا نبحث عنها في ظروف أصعب حتى بعد تغيير النظام، إذا كان الدم السوري حرام على كل سوري، فينبغي لكل سوري، ومنهم إخوتنا الدروز، أن يدركوا أنه لو كان بعض الدم منهم قد سال على أيدي بعض السوريين، فكثير من الدم سيسيل على أيدي الصهاينة. رَفْع عَلم إسرائيل ليس ردّاً على خطيئة إزهاق أرواح من أهلنا في السويداء على يد نظام أو غيره من القوى التي لا تدرك قيمة سوريا ولا تحرص على وحدتها. بنو معروف أجلّ وأكرم من أن يرفعوا عَلم عدوّهم.
مَن رفضوا من الدروز محاولات الأسْرَلة والتدنيس على مدى كل هذه الأعوام، كبرياء واعتزاز بسوريّتهم وبعروبتهم في الجولان المُحتلّ، لا يمكن الآن أن يكون التعبير عنهم بأن قلّة في ظرف مِحْنة تُخطئ في أن ترفع عَلمَ العدو، بدلاً من البحث عن طريقة جادّة، وإن كانت صعبة، لتعايُش وطني. ما نريده سوريا موحّدة شعباً وأرضاً ودولة مستقلّة. نريد حساباً جادّاً عادلاً على الدم الذي أُهْرِق، وجزاء معلناً، واحتراماً لتقارير الأمم المتحدة، الذي صدر أحدها أول من أمس عن السويداء وواحد عن الساحل، حتى لا تتكرّر هذه الأخطاء. لا نريد التمسّك بهذه الأخطاء أو الخطايا، حتى لا تكون ذريعة لتحقيق هدف العدو الصهيوني وهو تقسيم سوريا وتفتيتها.
هذا ما نرجوه، وما نرجو إخوتنا بني معروف الذين أنجبوا لنا قادة عظماء، وسلطان باشا الأطرش، ومُثقفين عُظماء، وهؤلاء أنجبوا لنا سميح القاسم، الشاعر القومي العروبي الفلسطيني العظيم. هل لحظة الانتقال من السلام إلى الهيمنة ستمكّن إسرائيل من فرض هذا الاتفاق الأمني على سوريا وعلى قلب العروبة؟
هل سيقبل شعبها بكل تاريخه العظيم؟ وهل ثمن أن رئيس السلطة يدخل قاعة الأمم المتحدة ويقف على المنصّة ويلقي خطاباً ويحصل على شرعية دولية تُبرّر له أن يُخْضِع قلب العروبة لهيمنة العدو الصهيوني؟
لكن الهيمنة التي تحاول إسرائيل فرضها ليست قَدَرها، كما إسرائيل الكبرى، كما المشاريع، محكوم عليها تاريخياً بالفشل، وستفشل جميعها. هذا ما نراه في العالم يعطينا إشارات، منها قمّة ألاسكا بين ترامب وبوتين، الذي فيها حقّق بوتين مكسباً ظاهراً واستُقبل باحتفالٍ مهولٍ على أرض أمريكا، والمطلوب محاسبته كمجرم حرب، مفروش له السجّاد الأحمر، يأخذ تعهّدات مبدئية من ترامب بأن القرم لا كلام عليها، ستنضمّ لروسيا، ويمكن لأوكرانيا أن تتنازل عن أراضيها، ويعود حسب كل المُحلّلين من قمّة ألاسكا مُنتصراً. أما السلام في أوكرانيا فهو رَهْن بالتطوّرات في القادم من الأيام. لكن ما هو الدرس؟
الدرس أن روسيا، التي كانت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ضعيفة، معولة، تستجدي المعونة، رئيسها الآن قادر أن يكون بهذه القوّة. وما نستخلصه أن الدول، ومنها روسيا ذات الحضارة، لها من إرث التاريخ ومن حقائق الجغرافيا ما يصنع شخصية. شخصية روسيا لا تقبل أن تكون ذيلاً. إذا وجدت الأمم في لحظة من اللحظات على قمّة سلطتها، مَن يدرك شخصيّتها ويدرك قيمتها وقُدرتها وقَدْرها، عندها تستطيع أن تغيّر المعادلات وترفض الهيمنة.
إذا كانت روسيا فعلتها، فالأمّة العربية لديها نفس المقوّمات: جغرافياً وتاريخياً، ونفس المكانة في الإمكان أن تردع وتهزم مشاريع الهيمنة الصهيونية.
بشير عبد الفتاح – كاتب وباحث في مركز الأهرام للدراسات: بداية، مجرّد التقاء الرئيس الأمريكي بنظيره الروسي على الأراضي الأمريكية، حيث ألاسكا، بعد أن كان الرئيس الروسي مطلوباً من المحكمة الجنائية الدولية جراء ما يسمّى جرائم حرب في أوكرانيا وغيرها، هذا يعدّ إنجازاً دبلوماسياً وسياسياً للرئيس الروسي، لأنه أنهى حال العزلة السياسية والدبلوماسية. صحيح أن روسيا اقتصادياً كانت تتعامل مع شركاء مهمّين كالصين والهند ودول شرق آسيا والشرق الأوسط، لكن مجرّد أن الرئيس الأمريكي يدعوه ويلتقيه على الأراضي الأمريكية، وهي الأولى منذ عام 2007 أن يطأ الرئيس الروسي الأراضي الأمريكية، هذا يعدّ إنجازاً دبلوماسياً وكَسْراً للعزلة المفروضة على الرئيس الروسي، لكن الحديث عن حدوث اختراق جوهري في الأزمة الأوكرانية يظلّ بحاجةٍ إلى تدقيق.
=إذاً، مواصلة الحرب بالنسبة إلى روسيا، رغم أنها مكْلِفة مادياً وبشرياً، إلا أنها قادرة على مواصلة الحرب ربما لسنوات. الاقتصاد الروسي يمتصّ الصدمات، يمتصّ العقوبات، قادِر على التحايُل والالتفاف على العقوبات الغربية، استطاعت روسيا أن توجِد لنفسها بدائل للأسواق الغربية سواء في النفط أو الغاز أو المُنتجات أو الحصول حتى على التكنولوجيا ذاتياً من خلال التطوير الذاتي، وبالتالي بمقدور روسيا مواصلة الحرب رغم الكلفة المادية والبشرية. في المقابل، ليس بمقدور أوكرانيا مواصلة الحرب بنفس القُدرة أو الكفاءة. صحيح أن الدعم الأوروبي يتزايد، لكن الأوروبيين يشترون الأسلحة من الولايات المتحدة ويقدّمونها لأوكرانيا، وهذا الأمر لا تطيقه أوروبا كثيراً ولا يتحمّله الاقتصاد الأوروبي ولا الشعوب الأوروبية طويلاً.
حمدين صباحي: لا خوذة الجندي، لا هراوة الشرطي، لا غازكم المُسيّل للدموع. غزّة تبكينا لأنها فينا، تقدّموا، كل سماء فوقكم جهنّم، وكل أرض تحتكم جهنّم. تقدّموا، يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم، وتسقط الأمّ على أبنائها القتلى ولا تستسلم. تقدّموا، تقدّموا بناقلات جُنْدِكم وراجمات حقدكم، وهدّدوا وشرّدوا ويتّموا وهدموا، لن تكسروا أعماقنا، لن تهزموا أشواقنا، نحن القضاء المُبْرَم، تقدّموا.