الاقتتال السوداني : المأساة المنسية في قلب الأمة

تتناول الحلقة مأساة السودان المستمرة منذ أكثر من عامين، حيث يعيش الشعب السوداني كارثة إنسانية كبرى نتيجة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي تحولت إلى اقتتال داخلي مدمّر تغذّيه تدخلات إقليمية ودولية. يسلّط حمدين صباحي الضوء على الأبعاد السياسية والاقتصادية والجيوسياسية للصراع، مؤكداً أن السودان يُستنزف بسبب موقعه الاستراتيجي وثرواته، ويُستخدم كساحة لتصفية حسابات بين قوى كبرى، وعلى رأسها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. تبرز الحلقة معاناة ملايين النازحين، وخطورة وجود مرتزقة أجانب يشاركون في الحرب، وتستعرض جذور الأزمة في ضعف الدولة وغياب العدالة والتنمية. كما تشدد الحلقة على ضرورة الحل السوداني الوطني بعيداً عن التدخلات الخارجية، وتطالب بدور عربي موحد وفعّال لإنقاذ السودان من التدمير والتقسيم.

نص الحلقة

 

حمدين صباحي: تحيّة إلى السودان الحبيب المنسي، الغارِق في دمه من دون يد تمتدّ لإنقاذه، تحيّة إلى شعبه العظيم المُضحّي. السودان، بكل قيمته وأهميته، موقعه، وغنى ثروته وتاريخه، ودوره في ربط أمّته العربية بقارّاته الإفريقية، ينزف من دون أن يضمّد أحد جرحه.

نقول للسودان: نحن معك. ونقول: لا حلّ في السودان إلا بأيدي الشعب السوداني. ونطلب دورًا عربيًا تتوافق فيه حكومات هذا النظام الرسمي العربي. إذا كان هذا النظام عاجزًا عن أن يمنع الإبادة والتهجير والتجويع في غزّة، لأنه يواجه عدوًا صهيونيًا وأمريكيًا ضاريًا كما يقول، فإن السودان يواجه نفس الثالوث: الإبادة، والتهجير، والتجويع، وينتظر دورًا عربيًا تتوافق فيه الأطراف العربية على حلّ، لا تتنافس على أدوار صغيرة إقليمية على حساب الدم السوداني، كما نشهد الآن.

السودان يستصرخ كل ضمير، وبالذات كل عربي، ألا ننسى دمه الغالي، وألا نصمت على جريمة الاقتتال فيه، وأن ننهض للدعوة إلى حلّ يخرج السودان من محنته، ويعطيه ما يستحق من أمان، ووحدة، وحرية.

 

تقرير:

السودان بين الأمل والألم، عنوان لقصّة عمرها ست سنوات ونيّف. في أولى مراحلها كان الأمل يحدو جموع السودانيين المُناهضين لحُكم البشير، خلال فترة التظاهرات التي امتدت أربعة أشهر، أملًا في وضع جديد يستبدل حالهم بالأحسن، وحالًا يفكّ ضائقة المعاش التي خنقت الشعب، وكادت تعقده.

استثمرت أحزاب ودول هذا المناخ العام، وقدّمت خطابًا مُفعمًا بالرجاء في مستقبل جديد، لكن الخطاب كان مُفخّخًا، لأنه ربط الحياة الكريمة بعودة بلادهم إلى أحضان المجتمع الدولي. وكان الخطاب دافعًا إلى زيادة حجم معارضة البشير وسلطانه، فسقط البشير، وسقطت حكومته بفضل الشراكة بين الشارع الثائر والجيش الذي اعتاد الانحياز إلى شعبه.

من نافذة رجاء المتظاهرين، تسرّب الخارج بأجندته ومشروعه وأدواته، فسيطر على السودان فور سقوط البشير. أمسك الخارج بتلابيب القرار السوداني، وأصبح منفردًا بالقرار، يتصرّف في أمر البلاد والعباد، يشكّل حاضرها، ويعمل على صناعة مستقبلها.

فرض على السودان والسودانيين بعثة وصاية أممية، بدأت تُدير أمره بعيدًا من مُقتضيات الاستقلال الوطني، والإرادة الحرّة لمواطنيه.

حين أفاقت القوى الوطنية من غفوتها، فرضت عليها البعثة الأممية إلى السودان اتفاقًا إطارياً، يحتكر السلطة كاملة، من دون تفويض شعبي، لجماعة سياسية اتّخذت من أطروحة الليبرالية الجديدة مشروعًا سياسيًا لها.

نصّ الإطاري على بقاء الدعم السريع مستقلاً عن الجيش لعقدين، يكون بعدها نواة لجيش جديد. رفض الشارع والقوى الوطنية والجيش هذا الاتفاق، لكن القوى الموقّعة على الإطاري واجهت الشعب بشعار: الإطاري أو الحرب.

وفي الأثناء، كان الدعم السريع يتهيّأ للحرب بدعمٍ غربي وإقليمي، ارتفع عدده من 17,000 إلى أكثر من 140,000 مقاتل، وزوّد بالسلاح والإمكانات، ومُكِّن من مفاصل الدولة.

وفي الثالث عشر من نيسان (أبريل)، باغت الدعم السودانيين باحتلال قاعدة مراوي الجوية شمال البلاد، وبعد ذلك هاجم الخرطوم وانتشر فيها، ثم سيطر على عدد من الولايات الواقعة على ضفاف النيل الأبيض والأزرق، فهجّر السكان، وصادر ممتلكاتهم، وجاء بمستوطنين من غرب ووسط أفريقيا، لإقامة ما سمّوه: دولة العطاوا، أو دولة قريش.

اتّسعت رقعة الحرب، واتّسع معها حجم الكارثة الوطنية بكل أبعادها. البنية التحتية دُمّرت، المواطنون شُرّدوا، الدماء أريقت، النساء انتهكت أعراضهن، وانتهكت سيادة بلد لطالما تمسّك باستقلاله. وطن أراد الغرب بسْط سُلطانه عليه، والهيمنة على موقعه، وثرواته، ودوره.

 

حمدين صباحي: في السودان مأساة مُكتملة الأركان، دم السودان ينزف على أيدي السودانيين، طبعًا بتدخّل قوى إقليمية وأجنبية. خير السودان، الذي يمكن أن يكفي جزءًا كبيرًا من هذه الأمّة، منهوب.

السودان عُرضة للتقسيم، الأطماع تتاجر بالدم السوداني، ومع هذا يكاد يكون السودان، بكل قيمته ومكانته ومحبتنا العميقة له، وهو يواجه هذه المأساة، يكاد يكون منسيًا.

ربما لأن هناك أحداثًا كبرى، على رأسها طوفان الأقصى، وصراعنا مع العدو الصهيوني، مستقطبة اهتمامنا، ومستولية على قلبنا، وشاغلة العالم كله، وهو اهتمام في مكانه بما يجري.

لكن هذا لا يبرّر أن ننسى السودان.

ربما أيضًا لأنه في المواجهة بين الأمّة وعدوّها الصهيوني في فلسطين، وفي الجولة العظيمة التي خاضتها المقاومة منذ سنتين، ألمًا على ما قدّمنا من ثمن عظيم، غالٍ في طوفان الأقصى.

لكن، في فرح بأن هناك مواجهة جادّة، عظيمة، مُزَلْزِلة للكيان الصهيوني، وجاءت بأثر في أن العالم كله يشهد الآن لفلسطين بنُبل مقصدها في التحرير، ويشهد على العدو الصهيوني بجرائمه الوحشية.

لكن في السودان لا يوجد هذا الاختلاط بين الفرح والألم، في ألم فقط، ألم صافٍ، ألم عميق.

لأن الذين أُزْهِقت أرواحهم في السودان، وعددهم يتراوح بين 12,000 حسب وزارة الصحة، إلى 20,000 حسب الأمم المتحدة، إلى 150,000 حسب لجنة الإنقاذ الدولية، أين كان عددهم، الذين قُتلوا في السودان ضحايا.

لكن الذين استشهدوا في طوفان الأقصى أبطال.

في طوفان الأقصى، الذين استشهدوا لهم غاية، غاية تمثل هدفًا ساميًا، نبيلًا: التحرير.

لكن في السودان لا شيء إلا التدمير.

في طوفان الأقصى، نحن نواجه عدوّنا، نستشهد في قتال شريف ضدّ العدو.

في السودان، لا قتال، اقتتال.

إخوة الدم، أشقاء الوطن، يقتتلون. كما قال جمال عبد الناصر ذات يوم، ويبقى قوله صحيحًا: "القتال شرف، والاقتتال جريمة".

=في طوفان الأقصى، نحن أمام مسار يتّجه لتحقيق أهداف الأمّة.

في السودان، نحن أمام انتحار طويل، ينبغي أن يتوقّف.

هذه لحظة، حتى نقول لشعبنا في السودان: أولًا، نحن نشعر به، ونحن معه.

ثانيًا، أن خلاصه من دمه المسفوك، وخياراته المنهوبة، ووحدته المهدّدة، بيده.

شعبنا في السودان يحتاج لوقفة، ينهي بها ما يتعرّض له على يد المُقتتلين، ويحقن دمه، ويبحث عن طريق لسودان واحد، ديمقراطي، في سِلم أهلي حقيقي، يتمتّع بخيراته، مستقل، فوق المؤامرات والتدخّلات، والصراعات بالوكالة على أرضه لصالح الأجنبي.

سودان يحمي مصالح السودانيين، ويؤكّد دوره كرابطة العقد ما بين الوطن العربي وقارّته الإفريقية.

المأساة الجارية أمام أعيننا في السودان، لها أصول، ربما من بينها أن أنظمة الحُكم المُتعاقبة في هذا البلد الكبير المُتنوّع، لم تتمكّن من أن تكون عادلة في توزيع المنافع، والاستجابة للمصالح ما بين التنوّع الهائل الموجود في السودان.

=اهتمّت بالمركز على حساب الأطراف، لم تقم بعملية دمج جاد، لأنه في السودان تنوّع قبلي وعِرقي، وأحيانًا في اللغات. السودان الكبير الضخم هذا، لم يكن يمكن أن يبني دولة مستقرّة =من دون مؤسّسات حُكم عادلة، ضامنة لحقوق كل السودانيين، قائمة على أساس المواطِنة الديمقراطية، ولديها الاستقلال.

وطن، ربما حاول السودان كثيرًا، وشهد هبّات شعبية وثورات غير مُكتملة كثيرة، لكنها لم تصل لهذه البنية المُتماسكة، ولهذا ظلت عوامل الصراع الداخلي السوداني قائمة من دون علاج حقيقي.

البشير حكم 30 سنة، وهو قد أخفق في الاقتراب حتى من هذه المعايير، إن كان هو، بسبب الصراعات الداخلية في السودان، استمال أو استخدم أطرافًا من خارج مؤسّسات الدولة حتى يمثلوا نوعًا من الرديف العسكري لقرار البشير كحاكم، ومن هنا ظهرت قصّة الدعم السريع.

والدعم السريع في الأصل يمكن القول بأنهم جماعات متمرّدة، أقرب لعصابات الجريمة المنظّمة، وفيها ظواهر متعدّدة في المساحة الهائلة للسودان، بعضها مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقبائل الكبرى الحاضرة في السودان تاريخيًا.

البشير وظّف قوات الدعم السريع حتى تكون ذراعًا قوية له، يستطيع أن يدير بها صراعاته ضدّ مَن يمكن أن ينافسه على السلطة، ويؤمّن نفسه ضدّ انقلابات قد تأتي، كما عرفنا في تاريخ السودان، من داخل الجيش، ينشأ جيش موازٍ ملاكي، تابع للرئيس، ليس جزءًا من مؤسّسات الدولة الوطنية.

=هنا نحن أمام ظاهرة مسلحة في قلب بنيان الدولة، لا تحتكم لفكرة القانون، وشرعية الدولة، والمصلحة العليا للشعب، بقدر ما تأتمر بأمر الحاكم، وتسلك سلوكًا أقرب للمُرتزقة منها للقوات النظامية.

عندما انتفض شعبنا في السودان، انتفاضة شعبية عظيمة في ديسمبر سنة 2018، وخلع بعد عدّة أشهر في أبريل 2019، كان في ما أُطلق عليه "الموجة الثانية من الربيع العربي"، والتي أدّت لتغيير رأس النظام في السودان وفي الجزائر. وهذه كانت تكملة لموجة الربيع العربي الأولى، المؤسّسة العظيمة سنة 2011، والتي أدّت أيضًا لتغيير رأس النظام في تونس، ومصر، وليبيا، وفي اليمن.

لكن، كل هذا الحضور الشعبي الشريف النبيل في الربيع العربي، لم يتمكّن في أية دولة عربية من الدول التي ذكرناها أن يغيّر أكثر من رأس النظام، لكنه لم يغيّر النظام نفسه. بقي في سدّة السلطة، بأشخاص جُدد، نفس السياسات، والأفكار، وطريقة الأداء.

=الانتفاضات الشعبية العظيمة لم تتحوّل إلى ثورات تؤدّي لتغيير جذري، كما كان يطمح الشعب العربي في الربيع العربي في موجته الأولى أو في موجته الثانية.

السودان، عندما أسقط حُكم البشير، قام بتجربة مهمّة في الشراكة ما بين الشعب والقوى المدنية المُعبّرة عنه من أحزاب ونقابات، وما بين المؤسّسة العسكرية، لكي لا تُعيد تكرار تجارب الربيع العربي، التي تمكّنت فيها السلطة العسكرية من أن تحتكر ثمار الثورات الشعبية، وتستخلص السلطة لنفسها من دون الذين فجّروا هذه الانتفاضات الشعبية.

الشراكة هذه كان فيها الجيش وقوات الدعم السريع معًا، وفيها أيضًا المدنيون الذين قادوا الشارع السوداني.

لكن، سُرعان ما انقلب المكوّن العسكري، بشقّيه الجيش والدعم السريع، على المكوّن المدني، وأزاحوه، ثم ما لبث طرفا المكوّن العسكري أن اقتتلا معًا، وبدأت المأساة من أبريل 2023، عندما انقلب حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم.

لكن، أطراف الصراع الداخلي لا تفسّر حجم المأساة واستمرارها. هم لاعبون في هذا الصراع، في هذا الاقتتال، لكن هناك لاعبين إقليميين ودوليين.

حتى نفهم الذي يجري في السودان، يجب أن ندرك أن هناك أيادٍ أجنبية تتدخّل بانتظام وقصد، وستستمر في السودان طالما لا توجد إرادة وطنية تنشئ قَدْرًا من الوحدة الوطنية، وتكفّ هذه الأيادي الأجنبية عن التدخّل. وهذا ليس غريبًا، لأن السودان، بحُكم موقعه أولًا، هو نقطة جوهرية، عقدة استراتيجية جيوسياسية، رابطة ما بين قارّة هي محلّ طمع كل العالم، أفريقيا، وما بين الوطن العربي بكل أهميّته وموقعه، وبالذات في الجوار المصري السوداني، مطلّ على البحر الأحمر، بكل ما يمثله كممرّ حيوي للتجارة الدولية وللأمن في العالم.

السودان بهذا المعنى مطمع، والطامعون فيه يطمعون لاستخدام موقعه أمنيًا وجيوسياسيًا، يطمعون في ثرواته ومعادنه النادرة، وبينها الذهب.

حتى تلك الأيدي الأجنبية الممدودة في السودان، والتي خلق لها أدوات محلية، تنفق عليها، وتموّلها، وتسلّحها، وتشتري ولاءها، وتنهب عن طريقها خيرات السودان.

هذه الحال التي نراها، ولا يمكن أن نفهم حجم المأساة ولا أبعادها، ولا يمكن أيضًا أن نوقِف هذه المأساة من دون أن ننتبه لدور هذا العامل الإقليمي والأجنبي الدولي في السودان.

أفريقيا، والسودان مفتاح رئيسي لها، يتصارع عليها العالم كله، كلها: تركيا تريد يدًا في أفريقيا، وموطئ قدم، ومكاناً في البحر الأحمر. الصين تريد أن تكون حاضرة، وهي حاضرة بقوّة في أفريقيا، بأشكال أولها التعاون الاقتصادي، ومشروعات التنمية، لكنها تلعب على الثمن.

في أفريقيا، الثروات، كيف تضع تصوّرًا يجعل ما تستطيعه الصين، بكل إمكانياتها اقتصاديًا، يستثمر ويستفيد ويربح من أفريقيا؟

فرنسا لها نفوذ تاريخي، يتراجع نسبيًا، لكنها تبحث عن بدائل حضور له. أمريكا تريد، كما تريد في كل العالم، أن تكون لها الكلمة والسطوة، من دون حضور مباشر، يكلّفها أعباء الحضور المباشر، بما يمثله من إمكانية احتكاك قد يكون خشنًا، لكنها تملك القدرة على القرار في أفريقيا.

كل هؤلاء، لا بدّ من أن يضعوا السودان في الاعتبار، لا أحد سيأتي إلى أفريقيا، بكل خيرها، من دون أن يفكّر جدّيًا في أن ينفذ عبر الباب السوداني.

وفي الطريق إلى أفريقيا، عبر هذا الباب، يسيل الدم السوداني، ويُعرّض السودان للنهب وللتخريب.

لكن، داخل هذا الدور متعدّد الأطراف، هناك دور هو الأخطر، والأخبث، والأكثر ضررًا: دور العدو الصهيوني.

 

محمد حسب الرسول – كاتب وباحث في الشؤون الإقليمية: تقديري، وتقدير السواد الأعظم من المجتمع السوداني، أن هذه الحرب هي عدوان خارجي على السودان، من أجل الهيمنة عليه والسيطرة عليه، وعلى موارده وموقعه. وبالتالي، هي صراع بين الاستقلال والاستعمار.

لهذه الحرب تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على كل الإقليم، وعلى كل الفضاء الأفريقي، وبخاصة على البحر الأحمر، وعلى دول الجوار السوداني، لأن عددًا كبيرًا من دول جوار السودان، ربما باستثناء مصر، بقية دول جوار السودان هي ضالعة الآن في الحرب، من خلال إدخال المرتزقة والمعدّات العسكرية لصالح الدعم السريع. وبالتالي، هذه الأطراف أصبحت مشاركة.

البحر الأحمر نفسه أصبح موقعًا ليستخدم في هذه الحرب، وقد رأينا ذلك بصورة جلّية في ضرب مدينة بورتسودان، حينما انطلقت مسيرات من داخل البحر الأحمر، وقصفت مواقع، ومن بينها مطار بورتسودان ومواقع أخرى.

=وبالتالي، الحرب في طبيعتها هي عدوان خارجي، كما ذكرت، والمستفيد الأول وصاحب هذا المشروع هو الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا بشكل خاص.

ولكن، هذه الدول الثلاث وظّفت قوى إقليمية، وقوى محلية داخل السودان، من أجل التمكين من الهيمنة على السودان والسيطرة عليه.

السودان دولة مهمّة في إفريقيا، هي الوحيدة التي تمتلك كل مفاتيح الدول الإفريقية، وهي تمتلك موارد مهمّة، وكذلك تمتلك ساحلًا طويلًا على البحر الأحمر، نحو 800 كيلومتر.

وبالتالي، هذه الأمور مهمّة للغاية بالنسبة لإسرائيل، وإسرائيل ضالِعة في هذا الأمر، بل هي صاحبة هذا المشروع، وهي مَن تمتلكه.

 

تقرير:

مواطن سوداني: هذا نسمّيه خيانة، أفضل تسمية له أنه خيانة. قوات كان مُلزمة بحماية الناس، تحوّلت لأنها قوات تقتل الناس، وتشرّد الناس من مناطقهم.

مواطن سوداني: طبعًا، هم قادمون بتمويل من دول ثانية، والناس جميعها تعرف هذا. لكن، للأسف، هناك دول كثيرة ظلمتنا. نحن كنا نستقبلهم في الماضي، وهم حاليًا ظلمونا.

مواطن سوداني: نصبر، كما صبرنا، ولو تكلّفنا مجدّدًا 50 سنة، 60 سنة، نصبر، ونأمل أن نبني دولتنا رويدًا رويدًا.

مواطن سوداني: اتّضح أن المسألة كانت أكبر. كنا نعتقد أن هذه القوّة عسكرية تمرّدت لطموح للسلطة من قياداتها مثلًا، وخلاص. اكتشفنا بعد ذلك أن المسألة لديها امتدادات خارجية خطيرة جدًا. 

مواطن سوداني: كصراع ليس منه أية فائدة أصلًا. الدعم السريع كان يريد أن يستغلّ المواطن، ويمسك الحُكم، ويقوم بإبادة جماعية بالمواطن.

مواطن سوداني: الحرب الآن أكثر من 14 مليون سوداني مُشرّدين، إما في معسكرات نزوح، أو لاجئين، أو تركوا السودان وهاجروا.

مواطن سوداني: كما تعرف كل الناس، هناك ظروف معيشية صعبة، غلاء الأسعار، النزوح، التشرّد.

مواطن سوداني: بناء الدولة يتمّ عن طريق أن تُفرَض هيبة القانون في الدولة. 

مواطن سوداني: نحن نريد من المجتمع الدولي أن يرفع يده عن السودان فقط، لا نريد منهم أي شيء.

مواطن سوداني: نتمنّى أن تتّفق الناس، وتتوحّد في هذا البلد، وعندها السودان سيُبنى، إن شاء الله.

 

حمدين صباحي: اهتمام إسرائيل بإفريقيا، اهتمام أصيل وقديم. لكنها تحاول بقوّة أن تدخل الآن، حتى تعوّض عقودًا طويلة، كانت إفريقيا حصنًا مغلقًا أمام الاختراق والحضور الصهيوني. لماذا؟ لأن مصر كانت هي اللاعِب الرئيسي في تحديد السياسة الإفريقية.

ومصر، كان موقفها الأصيل أنها ضدّ الوجود الصهيوني، وهي على رأس أمّتها العربية، التي تسعى لتحرير فلسطين.

في هذا الوقت، انكسرت كل محاولات النفاذ الصهيونية لإفريقيا. كانت حركات التحرّر الوطني، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، التي بدأت تشمل كل المستعمرات التي استولى عليها المستعمر الأوروبي، كانت حركة التحرّر الوطني في الدرجة الأولى موجودة في إفريقيا.

إفريقيا نهضت، ونهضتها كان فيها حضور لصوتها، بفكرة استقلالها الوطني، لأن ثرواتها تكون لأبنائها، لأنها تُجرّب أن تنمّي لصالح شعوبها، من دون أن تُستنزف لصالح قوى المستعمر الأوروبي، والرجل الأبيض.

وفي هذا النهوض العظيم لإفريقيا، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، كانت مصر حاضرة بقوّة.

حاضرة لأن مصر، هي التي، بوقائع التاريخ، كانت السند لكل حركات الاستقلال الوطني في القارّة، ليس فقط في القارّة، بل في العالم، في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

لم يكن صدفة أن مصر عبد الناصر كانت في قيادة حركة باندونغ، التي بدأت في سنة 1955، وأسّست كتلة عدم الانحياز رسميًا سنة 1961، وهي الكتلة التي ضمّت إليها كل دول إفريقيا التي تحرّرت من الاستعمار الأوروبي.

ربما كثير من هذه التفاصيل نعود إليها، لكن كتاب الأستاذ محمد فايق، الذي لعب دورًا عظيمًا في حركة التحرّر الوطني الإفريقي، والذي نشر مذكّراته مؤخّرًا، يقول لنا بالتفصيل كيف كانت مصر حاضرة في إفريقيا، وكيف كان مقرّ الذي يلتقي فيه قادة إفريقيا، وثوارها، ومؤسّسو حركاتها، في مواجهة الاستعمار، في شارع محمد مظهر في الزمالك، هو نقطة إشعاع تبدأ من القاهرة، ولا تنتهي إلا على حواف القارّة الإفريقية.

كان دور شركة النصر للاستيراد والتصدير لا يقلّ عن دور العمل المباشر السياسي، ولا عن دور الإذاعات الموجّهة باللغات المحلية الإفريقية، التي كانت تُبثّ من القاهرة. ولهذا، لم يكن غريبًا أن تحتضن مصر أول قمّة إفريقية، وبمبادرتها، واستجابة كل إفريقي، تأسّست منظمة الوحدة الإفريقية، التي صارت الاتحاد الإفريقي.

أستاذنا بهاء طاهر، الروائي العظيم، يرحمه الله، يكتب عن زيارة جماعية كان واحدٌ فيها لبلد إفريقي. يقول: كنا نسير بأحد الشوارع، أحببنا أن نشتري سلعة، فذهبنا إلى دكان بسيط في مدينة ليست رئيسية في قلب إفريقيا. يقول بهاء طاهر: اندهشت، لأنني وجدت في هذا الدكان معلّقة صورة جمال عبد الناصر. سألت صاحب المحل: مَن هذا؟ هذه صورة مَن؟ فالرجل الإفريقي الأصيل نظر إليه، وقال: هذا أبو إفريقيا. 

كان جمال عبد الناصر بالنسبة لشعوب القارّة هو أبو إفريقيا. ولأن هذه كانت مكانة مصر، فقد سُدّ الباب على إسرائيل، وبقيت معزولة في إفريقيا سنوات العزلة الطويلة. هذه بدأت تفكّ بعدما مصر وقّعت كامب ديفيد، في خطوة واضحة للردّة عن سياسة وأفكار ومبادئ مصر 23 يوليو أو مصر جمال عبد الناصر. مصر الردّة، هذه التي بدأت بأنها وقّعت وثيقة كامب ديفيد مع العدو الصهيوني، هي التي فتحت الباب لإسرائيل، حتى تبدأ نفاذًا منظّمًا، وحضورًا متعاظِمًا في إفريقيا. لأن الدول الإفريقية قالت: إذا كانت مصر اتفقت مع إسرائيل، فلماذا لا نتّفق نحن؟ ولماذا لا نُطبّع؟ فبدأت إسرائيل بالنفاذ إلى إفريقيا، ووصل الأمر إلى أن بعض الدول الإفريقية استجابت لمطمع إسرائيلي، بأنها تأخذ صفة العضو المراقب في الاتحاد =الإفريقي، ووجدت مَن يُناصرها في ذلك، لولا وعي إفريقي، وخاصة الدور العظيم الذي لعبته الجزائر وجنوب إفريقيا، ورفضوا مشروع القرار هذا.

بكل هذا الطمع في إفريقيا، لا بدّ من أن تكون يد إسرائيل في السودان، لأنها بوابة لإفريقيا، ولأنها مصدر للثروة، ولأنها تعطي إسرائيل فرصة للتحكّم في النيل، بما يساويه هذا من قُدرة الضغط على مصر.

إسرائيل، حتى قضية إثيوبيا، وطرف في بناء سدّ النهضة، تضع أيديها في السودان، لكي يكون لها نفوذ على مجرى النيل. وهدفها واضح: أن تُكمِل حصار مصر، كما تريد، وستعجز، وستفشل أن تقضي على المقاومة في غزّة، لكي تحاصر مصر من دون خط دفاع من الشمال. تريد أن تحاصر مصر من الجنوب، بحضورها في السودان.

لن تنسى إسرائيل أن أحد عوامل انتصار جيش مصر والجيش العربي السوري في حرب أكتوبر المجيدة 73، كان قُدرة الجيش المصري أن يسيطر على باب المندب، مفتاح البحر الأحمر. ولأن هذا الدرس لا زالت إسرائيل تعيه، وتعرف أن هناك حروبًا قادمة في الصراع، فهي تريد أن تؤمّن باب المندب، والسودان، بحضوره وقربه، هو باب لهذا الهدف الصهيوني أيضًا. إسرائيل تعلم ألا منفذ لها باتجاه الجنوب إلا البحر الأحمر، من بداية إيلات حتى باب المندب. هنا، لا تريد إسرائيل، في هذا الصراع الممتد، أن يبقى البحر الأحمر بحيرة عربية، لأنه فعلًا بحيرة عربية، على ضفّته مصر والسودان، وعلى ضفّته المقابلة السعودية واليمن. وهو سلاح رئيسي في يد الأمّة العربية، عندما تستفيق وتستخدم أسلحتها المُعطّلة، أو المخزونة، أو الصَدِئة، ومنها موقعها العظيم المُتحكّم في البحر الأحمر.

أهداف إسرائيل واضحة، ويد إسرائيل ممدودة في السودان، وجزء كبير من الدم السوداني الغالي العزيز المسفوك الآن، قد يكون بأيدٍ محلية، لكنه بتخطيط وسلاح صهيوني.

تدمير السودان يجري باستخدام نفس الثالوث: الإبادة، التجويع، التهجير.

نفس ما يمارسه العدو الصهيوني في فلسطين، وبالذات في غزّة، يجري الآن، ويدفع شعبنا العربي في السودان ثمنه الفادح، منذ سنتين ونصف السنة.

تقدير عدد المهجّرين في السودان يصل لـ 12 مليون، منهم أربعة ملايين خارج السودان، وأكثر من ثمانية ملايين شُرّدوا داخل السودان، وهُجّروا، أي خرجوا من بيوتهم وأماكن رزقهم، وإمكانيات استقرارهم وأمانهم الاجتماعي.

نحن أمام خطر ماحِق على السودان. نضيف لهذا ظاهرة استقدام المرتزقة الأجانب. الآن، القتال الدائر في السودان يشارك فيه أطراف عديدة غير سودانية. منهم قادمون من كولومبيا وأمريكا اللاتينية، ومنهم قادمون من إفريقيا الوسطى، وبقية دول إفريقيا. وهذا يُفسّر حجم الضراوة البشعة في تنفيذ المجازر.

الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر عديدة، في حال مأساوية، تُرتكب فيها إبادة جماعية، ويُمارس فيها تهجير وأعمال إبادة.

طبعًا، عندما يكون الأجنبي المُرتزِق حامل السلاح، على أرض ليست أرضه، وفي مواجهة ناس ليسوا ناسه، لا يرتبط بهم لا بثقافة، ولا بتاريخ، ولا بأواصر دم، فلنا أن نتوقّع ما نراه من حجم الوحشية في ما يجري في السودان. هي نفس الوحشية التي يمارسها الصهيوني ضدّ أصحاب فلسطين من أهلها، بالذات كما نرى في غزّة.

وطبعًا، الاستقدام الأجنبي، بدايته الأصلية هي تكوين هذه الدولة اللقيطة، الكيان العنصري المحتلّ الغاصِب، وهو إسرائيل.

لأنه من كوّن إسرائيل؟ مُستقدمين، مُستجلبين، من شتّى بقاع الأرض، أتوا إلى فلسطين، وتدريجيًا مارسوا إرهابهم المُنتظم بدعم استعماري واضح، وانتهى بهم الأمر بفرض دولة.

نحن في السودان، نستنسخ التجربة الصهيونية في فلسطين، على مساحة أقل، لكن لا نعرف ما الذي سيكون عليه المستقبل.

أن الكولومبي، والقادم من وسط إفريقيا، يكون هو مَن يقاتل الآن بسلاحه، كما الإيغوري أو الشيشاني قاتل في سوريا.

تجربة استقدام المرتزقة من خارج الوطن في سوريا، يُعاد إنتاجها في السودان، والإثنان يتأسّيان بتجربة المستجلبين لاحتلال فلسطين من 48.

وسيكون في المستقبل سؤال: إذا وضعت هذه الحرب الحمقاء أوزارها، وتوقّف الاقتتال في السودان، ماذا سيكون مصير هؤلاء الأجانب؟ سيطلبون البقاء أيضًا، كما جرى في فلسطين من قبل، وكما نحن رأينا تجنيس، إعطاء الجنسية للمقاتلين الأجانب الذين شاركوا في تدمير سوريا خلال الفترة الماضية.

 

حمدين صباحي: والحلّ في السودان لا يمكن إلا أن يكون وطنيًا سودانيًا، بالدرجة الأولى.

هناك مبادرات كثيرة مطروحة، من المجتمع الدولي، ومن أطراف دولية وغيرها. الحلّ، لكي يكون مُستديمًا، لا بدّ من أن يكون حلًا نابعًا من الشعب السوداني، من قواه، ومن كل مكوّنات السودان.

هناك دور مهم، لا بدّ من أن تلعبه الدول العربية المعنية. الموقف في مصر والسودان، قضية أمن قومي مصري مباشر، فضلًا عن عمق العلاقة التاريخية ما بين البلد الواحد، الذي يُسقى من نيل واحد، أو دولتين. الموقف المصري متقارب مع موقف السعودية. من المدهش ألا تستطيع السعودية حل الخلاف مع موقف الإمارات، التي تلعب في جبهة أخرى، كما لو أن عجز السعودية ومصر من ناحية، والإمارات من ناحية، عن الاتفاق، رغم ما يبدو بينهما من توافق في أمور كثيرة، يدفع ثمنه السودان. اتفقوا، حتى تطرحوا حلًا جادًا، يُقنع، ويمكن أن يجد مسارًا لتحقيقه على الأرض.

لا يمكن لحلّ أن يساوي ما بين جيش المؤسّسة الوطنية والدعم السريع، الذي شكّل ظاهرة استثنائية لا ينبغي السماح بتكرارها. لا يوجد معنى لوجود تشكيل عسكري خارج الدولة في أية دولة، وإلا هو قنبلة موقوتة ستنفجر. ولو تمّ اتفاق الآن الإثنين فيه طرف، الجيش والدعم، قوات الدعم السريع، فهذا معناه أنه قابل للانفجار.

وهذا الأهمّ، لا حلّ إلا بحضور حقيقي للقوى المدنية، لأوسع تمثيل للقوى المدنية: نقابات، وأحزاب، وهيئات مجتمع مدني. صحيح التجربة علّمتنا أنه حتى القوى المدنية تعيد ارتكاب نفس الأخطاء، والاختبار بنفس الأجنبي وغيره، لكن في النهاية لن يصحّ حلّ ليس الشعب السوداني وقواه المدنية طرف أصلي فيه. هذا يحتاج لجهد وسعي وحشد لرأي عام يُعين على إتمام هذا الجهد، وأول هذا الجهد وقف فوري لإطلاق النار، التأكيد على وحدة السودان أرضًا وشعبًا، التأكيد على استقرار قرارها الوطني، والتأكيد على أن حلّ أزمة السودان في يد شعب السودان.

 

أماني الطويل - مستشارة في مركز الأهرام للدراسات وخبيرة في الشؤون الأفريقية: هناك اتجاه إقليمي يرى بضرورة الحفاظ على مؤسّسات الدولة السودانية، وربما هذا معني به الجيش السوداني على اعتبار أنه إذا فقدت السودان جيشها، فالعمود الفقري للدولة ينهار، ويصبح أمام السودان تحدّ وجودي.

هناك سردية ثانية من طرف إقليمي ثانٍ، تقول إن الجيش السوداني هو جيش الإخوان المسلمين، وكما قيل عن العراق أن هذا جيش البعث، بالتالي يجب تفكيكه وأن تكون هناك قوى مسلّحة بديلة.

العالم وخصوصًا واشنطن مشغولون بأزمات كبرى، أزمات مرتبطة بمستقبل النظام الدولي كله، أزمات مرتبطة بالأوزان لكل دولة في هذا النظام.

نحن لدينا حرب أوكرانيا، والصراع الإيراني الأمريكي الإسرائيلي، ولدينا الحرب على غزّة. كل هذه ملفّات تحدّد مستقبل العالم، ربما ومن هنا هناك إهمال نسبي للأزمة السودانية. لكن أستطيع أن أقول إن هناك اهتمامًا أمريكيًا بهذه الأزمة. إدارة ترامب تسعى إلى حلّ الأزمة السودانية، ومستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس التقى بالفريق عبد الفتاح البرهان في سويسرا، وكانت زيارة غير معلنة. وهناك توقّعات أن مثل هذه الخطوة تعقبها خطوات أخرى، وهذا يفسّر لدى بعض الأوساط التغيير الهيكلي الذي حصل في الجيش السوداني، مشروع التقسيم.

هناك احتمال كبير أن يكون بلا عَلم ونشيد، بمعنى أن السودان فيه مناطق ليست تحت سيطرة الحكومة المركزية منذ فترة طويلة، كدغلي وجبال النوبة، هي تحت سيطرة الحركة الشعبية قطاع الشمالي بقيادة عبد العزيز الحلو، وهذه منذ فترة طويلة جدًا.

ونحن قد نشهد تكرارًا للإحالة، وقد نشهد نوعًا من أنواع الانفصال، في إرادة دولية ضدّ التقسيم وضحت جدًا باجتماع مجلس الأمن، وفي إدانة قوات الدعم السريع في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن، والمطالبة بفكّ الحصار عن مدينة الفاشر التي هي في شمال دارفور.

 

حمدين صباحي: أبدًا ما هنت يا سوداننا يومًا علينا. قالها الشاعر العربي السوداني الكبير محمد الفيتوري ذات يوم، كان يومًا مختلفًا عن هذا اليوم الطويل المدمّر الذي تعبره السودان الآن، لكننا نستردّ أبيات الفيتوري لأننا نوقِن أن الشعب السوداني سيخرج من محنة الاقتتال وسفك الدم، وأن صبحًا قريبًا سيأتي على السودان من الوحدة والحرية.

أصبح الصبح، وها نحن مع النور التقينا، التقى جيل البطولاتِ بجيل التضحيات، التقى كل شهيد قاوم الظلم ومات بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذر الذكريات.

أبدًا ما هنت يا سوداننا يومًا علينا.

أبدًا ما هنت يا سوداننا يومًا علينا.