اكتشاف أربعة أنماط فرعية للتوحّد.. هل يوجد علاج؟
قد يُظهر بعض الأطفال علامات اضطراب "طيف التوحّد" منذ مرحلة الرضاعة المبكرة، مثل قلة التواصل البصري، أو عدم الاستجابة عند مناداتهم بأسمائهم، بينما قد ينمو أطفال آخرون بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات الأولى من حياتهم.
-
تبدأ أعراض "طيف التوحّد" في الظهور على الأطفال ما بين عمر 18 و 24 شهراً
اضطراب "طيف التوحّد" هو حالة مرتبطة بنمو الدماغ، تؤثر في طريقة إدراك الشخص للآخرين وتفاعله الاجتماعي معهم. ويؤدي ذلك إلى وجود صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
ووفق "مايو كلينك" يضم هذا الاضطراب أيضاً أنماطاً سلوكية محدودة ومتكررة. ويشير المصطلح "طيف" في اضطراب "طيف التوحّد" إلى مجموعة واسعة من الأعراض ودرجة شدتها.
يشمل اضطراب "طيف التوحّد"، وفق "مايو كلينك"، حالات كان يُعتقد في السابق أنها منفصلة، وهي التوحّد، و"متلازمة أسبرجر"، واضطراب التلاشي الطفولي، وشكل من أشكال الاضطراب النمائي الشامل غير المحدد.
يبدأ اضطراب "طيف التوحّد" في مرحلة الطفولة المبكرة. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التكيّف داخل المجتمع. فمثلاً، قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب "طيف التوحّد" مشكلات في التفاعل الاجتماعي أو مع زملائهم في المدرسة أو العمل.
وتظهر أعراض التوحّد لدى الأطفال غالباً خلال السنة الأولى من العمر. غير أنّ هناك عدداً قليلاً من الأطفال المصابين بهذا الاضطراب ينمون نمواً طبيعياً خلال السنة الأولى. لكنهم بعد ذلك يفقدون بعض المهارات، وتبدأ أعراض التوحّد في الظهور عليهم ما بين عمر 18 و 24 شهراً.
The discovery of four different subtypes of autism is a major step toward understanding the condition’s genetic underpinnings and improving care, researchers reported in 'Nature Genetics'.https://t.co/wJMtLFJfOJ
— Times LIVE (@TimesLIVE) July 13, 2025
هل يوجد علاج لـ"طيف التوحّد"؟
لا يوجد علاج شافٍ لاضطراب "طيف التوحّد". لكن التدخل المبكر والحصول على علاج، خاصةً خلال سنوات ما قبل المدرسة، يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في حياة العديد من الأطفال المصابين بهذا الاضطراب.
التوحّد أكثر تعقيداً مما نتصور، وفتحت دراسات جديدة الباب لفهم أعمق لهذه المشكلة من خلال تحديد أربعة أنواع فرعية مميزة. تعرّف على كيف يمكن لهذا التقدم العلمي أن يغيّر طرق التشخيص والعلاج، ويساعد العائلات على فهم حالة أطفالهم بشكل أوضح.
أحياناً يكون من الصعب فهم التوحّد لأنه يظهر بشكل مختلف من شخص لآخر. لذلك يطلق عليه "طيف التوحّد"، لكن هذا الاسم قد يجعل الناس يعتقدون أنه مجرد درجات من خفيف إلى شديد، بينما في الحقيقة التوحّد متنوع وله أنواع مختلفة لا تسير على خط واحد.
الدراسة التي نُشرت مؤخراً في مجلة Nature Genetics تُعد خطوة كبيرة في فهم التوحّد. فقد اكتشف الباحثون من جامعة "برينستون" ومؤسسة "سيمونز"، أنّ التوحّد ليس نوعاً واحداً، بل هناك أربعة أنواع فرعية، ولكل نوع أعراض وجينات مختلفة.
أبحاث تُعيد تعريف التوحّد
بواسطة استخدام تقنية تسمى "النمذجة التوليدية المختلطة"، حلل الباحثون قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على معلومات سلوكية وجينية لأكثر من 5000 طفل مشارك في دراسة SPARK للتوحّد، الممولة من مؤسسة "سيمونز". شملت هذه البيانات تفاصيل دقيقة عن أعراض كل طفل على حدة.
وبحسب موقع Psychology Today، أطلق الفريق على منهجهم اسم "التركيز على الشخص"، حيث درسوا أكثر من 230 سمة تشمل السلوكيات الاجتماعية، الأفعال المتكررة، ومعالم النمو. هذا الأسلوب الجديد غيّر اتجاه أبحاث التوحّد التي كانت تركز غالباً على جينات منفردة مرتبطة بأعراض محددة. وبدلاً من ذلك، حدّد الباحثون أولاً أربعة أنواع فرعية مميزة من التوحّد، ثم درسوا الأنماط الجينية الخاصة بكل نوع.
أربعة أنواع مختلفة من التوحّد
التوحّد هو اختلاف في طريقة عمل الدماغ يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم من حوله، ويُشخَّص عادة بناءً على صعوبات في التواصل الاجتماعي وسلوكيات متكررة. الدراسة كشفت أنّ هناك أربعة أنواع فرعية تختلف في الأعراض ونمو الأطفال:
النوع الأول: أطفال يواجهون تحديات اجتماعية وسلوكية، مع احتمال وجود مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب وفرط الحركة.
النوع الثاني: أطفال يعانون من تأخر في النمو مثل المشي والكلام، لكنهم عادة لا يعانون من مشاكل نفسية.
النوع الثالث: أطفال لديهم تحديات متوسطة، ويتطورون بشكل طبيعي نسبياً دون مشاكل نفسية واضحة.
النوع الرابع (الأصغر عدداً): يعاني من تأثر واسع في النمو والتواصل، مع مشاكل نفسية وسلوكية شديدة.
What if autism wasn’t one diagnosis but four?
— Veritasium (@veritasium) July 18, 2025
A new Nature Genetics study analyzed 230+ traits across 5,000+ kids and uncovered four biologically distinct autism subtypes - each with its own genetic story 🧵 pic.twitter.com/1azUlpMlqJ
هذه الدراسة تساعد في تحسين فهم التوحّد، وتوضح أنّ هناك أنواعاً متعددة تختلف عن التصنيف التقليدي، مع احتمال وجود أنواع أخرى لم تُكتشف بعد.
فهم أفضل للتوحّد
قالت أولغا ترويانسكايا، الباحثة الرئيسية في الدراسة، لموقع "ميدسكيب" إنّ "هذا يسهل تشخيصاً أدق وخطط علاج تناسب كل طفل"، موضحةً أنّ الأبحاث القادمة قد تركز على اختلاف طرق العلاج بين هذه الأنواع، وفقاً لموقع The week.
في الولايات المتحدة، زادت نسبة التوحّد إلى طفل من بين كل 31 في عمر الثامنة، مقارنة بطفل من بين كل 54 في 2016، وطفل من بين كل 150 في 2000، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض. ويُعزى هذا الارتفاع إلى تحّسن طرق التشخيص، وتوسيع تعريف التوحّد، مما سمح لعدد أكبر من الأطفال بالحصول على الدعم الذي يحتاجونه. وهذه الأنواع الفرعية الجديدة تساعد بشكل أكبر في التشخيص.
ونظراً لأنّ الدراسة كانت محدودة، فمن المحتمل وجود أنواع أخرى من التوحّد لم تُكتشف بعد.
وقالت ناتالي ساوروالد، المشاركة في البحث، لمجلة "ساينتفك أميركان" أنّ "معرفة نوع التوحّد لدى الطفل تساعد العائلات على فهم حالتهم بشكل أوضح والحصول على رعاية ودعم يناسبهم".