زراعة العيون الإلكترونية باتت ممكنة لاستعادة البصر

يُعد نظام الشبكية الاصطناعية "أرغوس 2" الأول في العالم، حيث يسمح لمئات المستخدمين بإدراك الضوء والحركة والأشكال وتحسين الرؤية البصرية.. كيف تعمل هذه التقنية؟ من يستفيد منها؟ وهل هي مكلفة؟

  • تقنية زراعة العيون الإلكترونية تحول استعادة البصر إلى واقع ملموس
    تقنية زراعة العيون الإلكترونية تحول استعادة البصر إلى واقع ملموس

يستخدم معظم الناس النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة أو حتى زراعة العدسات لتحسين الرؤية البصرية، مما يسهل أداء الأنشطة اليومية مثل القراءة والقيادة ومشاهدة التلفزيون وغيرها من الأمور. ومع ذلك، غالباً ما يكون الأشخاص الذين يعانون فقدان البصر الشديد أو العمى أقل استفادة من خيارات العلاج المتاحة.

لحسن الحظ، فقد تغير تقنية زراعة العيون الإلكترونية اليوم كل ذلك وتحول استعادة البصر إلى واقع ملموس، إذ يمكن تزويد الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر الشديد بعيون إلكترونية لتسهيل التقاط ونقل منبهات الضوء إلى الدماغ، ومساعدتهم في تحسين بصرهم واستعادة شيء من نشاطاتهم اليومية.

ما العيون الإلكترونية؟

تعتبر شبكية العين الجزء الحساس للضوء في الجزء الخلفي من العين، وتحوي على خلايا حساسة للضوء، وتتلقى هذه المستقبلات الضوئية المحفزات البصرية وتنقلها إلى الدماغ عبر حزمة العصب البصري، ويؤثر تلف خلايا الشبكية في هذه العملية، مما يسبب ضعف البصر.

من هنا تأتي أهمية العيون الإلكترونية، إذ إنها تهدف إلى استعادة جزئية للرؤية لمن يعاني ضعفاً شديداً في البصر بسبب تلف الشبكية أو غيرها من المشكلات، ولا تعيد هذه العيون الرؤية الطبيعية، كما أنها لا تستطيع تمييز الألوان، على رغم أنّ الباحثين يعملون على تطوير هذه التقنية بصورة مستمرة.

تعتمد هذه التقنية على تحويل الإشارات الضوئية إلى إشارات كهربائية يمكن للدماغ معالجتها، وتساعد هذه الأجهزة المكفوفين في التنقل في العالم من حولهم بصورة أكثر استقلالية من خلال إنتاج سلسلة من النقاط والأشكال الوامضة التي تساعد في إدراك الضوء وتحديد الأشكال واكتشاف الحركة وقراءة الأحرف الكبيرة.

كيف تعمل هذه التقنية؟

تتكون جميع أنواع أنظمة العيون الإلكترونية من غرسات ومكونات خارجية تعمل لإنتاج مستوى معين من الإدراك البصري، وتتكون الغرسة من مصفوفة أقطاب كهربائية دقيقة تستقبل الإشارات الكهربائية التي تحفز خلايا الشبكية على نقل المعلومات إلى الدماغ، وجهاز استقبال يرسل الإشارات الكهربائية عبر سلك إلى مصفوفة الأقطاب الكهربائية الدقيقة في الشبكية، وعلبة إلكترونيات تحوي على الملف وتعمل كجهاز استقبال لاسلكي للإشارات الكهربائية، إضافة إلى سلك ينقل الإشارات من جهاز الاستقبال إلى مصفوفة الأقطاب الكهربائية في الشبكية.

وتشمل المكونات الخارجية كاميرا مثبتة تحاكي العين الطبيعية من خلال التقاط المشاهد المرئية على مستوى العين ونقل صور الفيديو إلى وحدة المعالجة، إلى جانب وحدة معالجة تحول صور الفيديو إلى إشارات كهربائية وترسلها إلى مصفوفة الأقطاب الكهربائية، التي تنقلها بدورها إلى الدماغ.

وفي ما يخص آلية العمل، تستقبل وحدة المعالجة صور الفيديو الملتقطة بالكاميرا، وهنا تحول إلى أوامر تحفيز كهربائي وترسل هذه الأوامر الكهربائية إلى غرسة الشبكية، من ثم تنقل إلى مصفوفة الأقطاب الكهربائية عبر سلك.

بعد ذلك تصدر مصفوفة الأقطاب الكهربائية نبضات صغيرة تنشط خلايا الشبكية الناجية، مما يمكنها من إيصال الإشارات البصرية عبر العصب البصري إلى الدماغ، وبعدها تفسر القشرة البصرية في الدماغ هذه الإشارات، وهذا ما يمكّن الشخص الذي يعاني ضعفاً بصرياً شديداً من إدراك عناصر مختلفة من بيئته مثل الضوء والأشكال والحواف والحركة.

 العيون الإلكترونية: تقنية مذهلة

تستخدم العيون الإلكترونية خلايا الشبكية المتبقية لنقل الإشارات البصرية إلى الدماغ، وتتضمن هذه التقنية نظارات خاصة وبيانات رقمية ونبضات كهربائية لنقل الإشارات البصرية إلى القشرة البصرية، وتوفير بصر جزئي للأشخاص الذين يعانون ضعف البصر أو انعدامه.

ويُعد نظام الشبكية الاصطناعية "أرغوس 2" أول عين إلكترونية في العالم، ويسمح لمئات المستخدمين حول العالم بإدراك الضوء والحركة والأشكال.

وبطبيعة الحال تخضع هذه التقنية للتحسين بصورة مستمرة، إذ يأمل المطورون في ابتكار جهاز يحاكي الوظائف المعقدة لشبكية العين البشرية.

كيف تعيد الشبكية الاصطناعية البصر؟

لا تعيد الشبكية الاصطناعية البصر الطبيعي، فالرؤية المستعادة تكون بالأبيض والأسود من دون تفاصيل دقيقة، لذا فهي تختلف عن الرؤية الطبيعية. وكما سبق وأشرنا يمكن أن تساعدك الشبكية الاصطناعية في تحديد بعض عناصر البصر، مثل الضوء والأشكال وغيرها.

مع التدريب، يمكن لأي شخص مزود بشبكية عين إلكترونية مثل "أرغوس 2"، أن يتعلم كيفية تفسير الإشارات البصرية في محيطه أو حتى قراءة نص مطبوع كبير الحجم.

من يستفيد منها؟

تساعد جلسة الفحص الطبيب المتخصص في تحديد ما إذا كانت العيون الإلكترونية مناسبة لشخص ما أم لا، أما الأشخاص الأكثر عرضة للاستفادة من هذه التقنية فهم الأفراد في منتصف العمر أو كبار السن الذين يعانون ضعفاً شديداً في الرؤية.

ووفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، يجب أن يستوفي المرشح المثالي لزراعة الشبكية بضعة معايير، أهمها أن يكون بالغاً بعمر 25 سنة وما فوق، وأن يكون لديه إدراك ضعيف أو معدوم للضوء في كلتا العينين، وأن يكون لديه تاريخ سابق من ضعف البصر الوظيفي، أو أن يكون مصاباً بانعدام العدسة الطبيعية (عدسة العين الطبيعية)، وبضعف العدسة الكاذب (باستخدام زراعة العدسات).

كما أنه يحدد موقع ومدى الضرر مدى صلاحية العيون الإلكترونية، فمثلاً يؤدي الضرر الشديد الذي يلحق بالعصب البصري أو القشرة البصرية أو شبكية العين البشرية (عدم وجود خلايا مستقبلة ضوئية قابلة للحياة) إلى جعل العيون الإلكترونية عديمة الفائدة.

وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أنّ هذه الجراحة مكلفة للغاية، إذ قد يراوح سعر نظام "أرغوس 2" بين 115 و150 ألف دولار.

اقرأ أيضاً: أطعمة تضر بشبكية العين.. ما هي؟