ما الفرق بين النسيان الطبيعي والخرف؟

ضعف الذاكرة العادي غير المقلق يمكن أن يصيب الفئات كافة بسبب الضغوط النفسية والعمل. إلّا أنّ هناك عوامل وفرقاً بين النسيان الطبيعي والإصابة بالخرف.. ما الفرق بينهما؟

0:00
  • إذا كان ضعف الذاكرة لا يؤثر في نمط السلوك ولا يكون عائقاً أمام اكتساب معارف جديدة فأنت لست مصاباً بالخرف
    إذا كان ضعف الذاكرة لا يؤثر في نمط السلوك ولا يكون عائقاً أمام اكتساب معارف جديدة فأنت لست مصاباً بالخرف

مع كل مرة ينسى فيها الأشخاص أموراً مهمة، يبدون قلقهم الشديد حول ما إذا كانوا معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالخرف، وعمّا إذا كانوا يعانون عوارض مبكرة لألزهايمر.. ولكن ما يقوله العلماء والأطباء المتخصصون يؤكّد أنّ هناك فارقاً كبيراً وملحوظاً بين النسيان الطبيعي الذي يمكن أن يعانيه الكبار والشباب والصغار، وأمراض الذاكرة المرتبطة باعتلالات الدماغ

هل نسيت مفتاح سيارتك خلال يوم من الأيام، واستغرقت وقتاً في البحث عنه؟ هل راح عن بالك موعد الطبيب واضطررت للذهاب متأخراً والاعتذار، وهل اكتشفت فجأة أنك تجاوزت توقيت أخذ دوائك وأصلحت الموقف سريعاً؟

هنيئاً لك فهذه هفوات معرفية يومية ليس لها علاقة بالخرف أبداً، إذ إنها غير نمطية أو متكررة بصورة تدعو للقلق كما أنه يجري احتواؤها واكتشافها، فحتى صغار السن يمكنهم أن يصابوا بكبوات النسيان الطارئة بفعل الضغوط، أو السهر الطويل، وتشعب المهام الحياتية والمهنية، وغيرها من الظروف التي تثقل كاهل الجسد والدماغ.

فيما يقول المعهد الوطني للشيخوخة في الولايات المتحدة الأميركية إنّ "اضطرابات الذاكرة المتعلقة بالخرف المرضي، يصاحبها ضعف حاد في الإدراك والاستيعاب ومعالجة المعلومات، مما يؤثر سلباً وبصورة ملحوظة على السلوك اليومي، والقدرة على أداء الأنشطة العادية والتفاعل مع المحيط المجتمعي". 

تغييرات الذاكرة الطبيعية

وفي حين تتعدد الأمراض المرتبطة بالخرف، مثل الخرف الوعائي المرافق أحياناً لتصلّب الشرايين أو السكتة الدماغية، وذلك المرتبط بأجسام ليوي حيث يترسب بروتين معين في الأعصاب، مما يعوق نقل الإشارات الكهربائية بالمخ، إضافة إلى خرف داء باركنسون، أو المتعلق بالتهابات الدماغ أو الوراثة، إضافةً إلى ألزهايمر أو الخرف المختلط، إذ يصاب الشخص بأكثر من نوع، وعادة يكون ألزهايمر عاملاً مشتركاً باعتباره أكثر أنواع الخرف شيوعاً، إذ يمثل من 60 في المئة إلى 80 في المئة من الإصابات. ويرتبط الخرف عادة بكبار السن ومن تجاوزوا الـ65 من أعمارهم، لكنه قد يظهر في عمر أقل في ما يعرف بالخرف المبكر، إذ تبدأ الذاكرة في التدهور سريعاً لأسباب طبية متعددة.

ويرى المتخصصون في طب الشيخوخة وأمراض الأعصاب والدماغ في الولايات المتحدة، أنّ الشيخوخة الطبيعية المرتبطة بالتقدم في السن، تحدث حتماً تغييرات جسدية وأخرى متعلقة بالدماغ، ومن ثم تتأثر القدرات البدنية واللياقة العقلية.

اقرأ أيضاً: النوم الكافي أفضل علاج للحماية من الخرف أو ألزهايمر

ويشير موقع "مجتمع ألزهايمر" الكندي المعني بتوثيق أحدث الدراسات والأبحاث والنصائح لمن يعانون الخرف، إلى أنه من الوارد حدوث تراجع في القدرة على التذكر.

لكن هذا التراجع لن يؤثر في المعارف والمهارات المكتسبة على مدى العمر، إذ يضيف الموقع الذي يعد رفيقاً للعائلات التي لديها أفراد يعانون التراجع المعرفي المرتبط بالخرف، وقد "يعاني ما يقارب 40 في المئة من الناس بعض ضعف في الذاكرة بعد سن 65 سنة، لكنه في الغالب ليس دليلاً على الإصابة بالخرف طالما أنه لا يؤثر في الحياة اليومية والاستقلالية في أداء المهام".

"الصحة العالمية": أعراض الخرف المتداخلة

ولهذا، فإذا كان ضعف الذاكرة لا يؤثر في نمط السلوك، ولا يكون عائقاً أمام اكتساب معارف جديدة، ولا يعوق العناية بالنفس، إضافة إلى عدم وجود تاريخ مرضي مرتبط بأمراض الذاكرة فإنّ الأمر هنا طبيعي.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ نسبة ما بين خمسة في المئة إلى ثمانية في المئة ممن تجاوزوا الـ60 من العمر سيواجهون الإصابة بالخرف بأي من أنواعه، إذ يختلف النسيان هنا بصورة جذرية عن ذلك النسيان العارض، أو حتى بعض صور فقدان الذاكرة، لأنّ الخرف يتطلب عوامل متعددة وأمراض متداخلة، وليس مجرد عدم تذكر بعض الأشياء.

واتفقت المراجع الطبية المختلفة على أنّ أعراض الخرف الأكثر شيوعاً إلى جانب نسيان أمور مهمة في الذاكرة القريبة والبعيدة، مثل أسماء الأبناء والطريق المؤدي للمنزل، وحتى مكان وجود دورة المياه واسم الشخص المتحدث إليه، وهو ما يتمثل في الشعور بالضياع بصورة مفاجئة، وصعوبات في التواصل والشعور بفقدان الحصيلة اللغوية، وكذلك وجود مشكلات في ترتيب وتنسيق وتخطيط المهام، وأيضاً عدم التركيز وفشل معالجة المعلومات واستيعابها، وكذلك المعاناة في الحركة وفقدان التوازن تدريجاً، وهي كلها عوامل تؤدي مع الوقت للتأزم النفسي والكآبة والقلق والعصبية الزائدة وتغييرات ملحوظة في الشخصية.

ما هي خطوات التشخيص؟

يتضمن تشخيص الخرف خطوات متعددة بينها: اختبارات نفسية وأخرى يجريها متخصصو طب الأعصاب والدماغ، إضافة إلى إجراء التحاليل المختبرية والأشعة، وتتضمن الجلسات الأولية اختبارات تبدو بسيطة للغاية مثل نسخ الأرقام أو الأشكال، لقياس مدى تمكن الشخص من إتمام المهام السهلة وغير المعقدة، ومدى الوقت الذي يستغرقه للوصول إلى النتيجة السليمة، إذ تتعلق هذه المهارات بأجزاء معينة من الدماغ، وتعطي لمحة عن القدرة المعرفية والإدراكية على تنظيم المعلومات، وتقيس الذاكرة البصرية كذلك، إذ تكون خطوة مبدئية لتحديد مدى احتياج الحالة لمزيد من الفحوص، ومن ثم مباشرة خطوات العلاج على أكثر من صعيد وسط المتغيرات الجديدة.

اقرأ أيضاً: 14 عاملاً خطراً يساعد على إصابتك بالخرف.. كيف تتجنّبه؟

اخترنا لك