هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
دراسة كندية حديثة تبين أنّ الأجنة والمواليد حديثي الولادة يمكنهم التعرّف على الأصوات المألوفة، بل ويفضلون الاستماع إلى لغتهم الأم بعد الولادة مباشرة.. إليكم التفاصيل!
-
هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
وجدّ فريق بحثي في مدينة مونتريال في كندا أنّ الرضع حديثي الولادة الذين استمعوا إلى قصص بلغات أجنبية وهم أجنة في أرحام أمهاتهم، يتجاوبون مع تلك اللغات بنفس الطريقة التي يتجاوبون فيها مع لغتهم الأم بعد الولادة.
هذه الفرضية كانت موجودة سابقاً بالفعل، ودرست أبحاث عديدة كيفية تأثير استماع الأجنة إلى لغات أجنبية على تفاعلهم معها لاحقاً، وبيّنت أنّ الأجنة والمواليد حديثي الولادة يمكنهم التعرف على الأصوات المألوفة، بل ويفضلون الاستماع إلى لغتهم الأم بعد الولادة مباشرة.
A team of researchers from #Canada's University of Montreal has found that "A few weeks of prenatal exposure to a new language is enough to rewire the language networks in a newborn's brain."https://t.co/D0j7eL3B4N
— The Peninsula Qatar (@PeninsulaQatar) October 18, 2025
لكن الدراسات القديمة اعتمدت في نتائجها على ملاحظات سلوكية فقط، مثل التفات الطفل الرضيع أو تغير نبضات قلبه، من دون أن تتوصل إلى أدلّة علمية دامغة تؤكد ذلك بالفعل، مما جعل الكثير من أطباء النفس والأعصاب يشككون في صحة النتائج.
الأطفال يشعرون بالألفة حيال اللغة التي استمعوا إليها وهم لا يزالون أجنّة
هذه الدراسة الكندية الحديثة التي نُشرت في الدورية العلمية Nature Communications المتخصصة في مهارات التواصل واللغة، أثبتت تلك النتائج من خلال قياس التغييرات التي تطرأ على المخ أثناء استماع الرضيع إلى اللغة الأم.
تقول آنا جالاجر، أخصائية طب الاعصاب بجامعة مونتريال، ورئيس فريق الدراسة لموقع "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية: "لا يمكننا القول إنّ الرضع يتعلمون اللغة قبل ميلادهم، ولكن يمكننا القول إنّ حديثي الولادة يشعرون بالألفة حيال اللغة أو اللغات التي سبق لهم الاستماع إليها وهم لا يزالون في طور الأجنة".
وتضيف: "إنّ التعرض لهذه اللغات أثناء وجود الجنين داخل الرحم يساعد في تكوين شبكات تواصل داخل المخ تؤثر على استجابتهم للغة بعد ميلادهم".
Babies’ Brains Recognize Foreign Languages They Heard before Birth https://t.co/uVk1jObFZT
— LanguageCrawler (@LanguageCrawler) October 17, 2025
اقرأ أيضاً: كيف نتعامل مع صراخ الأطفال؟
هذا وتوصل العلماء إلى نتائجهم من خلال تجربة شاركت فيها 39 امرأة حامل، استمعن إلى قصص باللغة الفرنسية، وهي اللغة الأم الخاصة بهن، لمدة عشر دقائق، ثم استمعن إلى تسجيلات لنفس القصص باللغة الألمانية ولغة أخرى لمدة عشر دقائق أيضاً، مع تكرار هذه العملية بشكل يومي طوال فترة الحمل.
والسبب الرئيسي لاختيار اللغتين هو الاختلاف الكبير بينهما وبين اللغة الفرنسية من ناحية الصوتيات وخواص النطق بحسب الباحث أندريان رينيه اخصائي علم النفس العصبي السريري بجامعة مونتريال.
الدراسة تساعد في علاج اضطرابات اللغة
بعد الولادة تمت مقارنة استجابة الأطفال الذين خضعت أمهاتهن للتجربة عند الاستماع إلى اللغتين، مع استجابة الأطفال الذين استمعوا فقط للغتهم الأم خلال فترة الحمل، وتمّ ذلك عن طريق تقنية التصوير الطيفي الوظيفي بالأشعة تحت الحمراء لأمخاخ المواليد.
Fetuses are eavesdropping on their mothers' conversations late in pregnancy, with her voice providing an important boost to brain pathways essential for language, a new study says. https://t.co/eL6o0giaN6
— HealthDay News (@HealthDayTweets) October 15, 2025
ووجد الباحثون تزايداً في نشاط الفص الصدغي الأيسر، وهو مركز معالجة اللغة في المخ، لدى جميع حديثي الولادة المشاركين في التجربة عند الاستماع إلى عبارات باللغة الفرنسية. ولكن عند تعريض المواليد للغتين الأخريين، لم يحدث نفس النشاط الذهني سوى لدى الأطفال الذين كانوا قد استمعوا لنفس اللغتين وهم مازالوا أجنة في أرحام أمهاتهم.
تدعم هذه الدراسة الحديثة فكرة أنّ أمخاخ الأطفال ليست "صفحة بيضاء" تماماً، بل تتأثر بالبيئة التي يعيش فيها الجنين داخل الرحم.
وفي هذا الإطار تقول الباحثة كوان إنّ "هذه الدراسة لا تنصح الحوامل بتعريض الأجنة للغات الأجنبية كي يصبحوا أكثر ذكاء أو متعددي اللغات في مراحل لاحقة من العمر"، وإنما لها أهمية بالغة في أجل فهم مشكلات واضطرابات اللغة لدى الأطفال، مما يساعد في اكتشاف وعلاج مشكلات التأخر اللغوي لديهم.