"نيويورك تايمز": لماذا أثارت خطوبة كريستيانو رونالدو جدلاً واسعاً في السعودية؟
يختبر نجم كرة القدم وشريكته جورجينا رودريغيز، والدة أطفاله، حدود التغيير الاجتماعي في المملكة الإسلامية المحافظة.
-
جورجينا رودريغيز تنشر صورة لخاتم الخطوبة الذي قدّمه لها نجم الكرة العالمي كريستيانو رونالدو
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول إعلان خطوبة كريستيانو رونالدو وجورجينا رودريغيز من العاصمة السعودية الرياض، وما أثاره ذلك من تساؤلات حول المساكنة والعلاقات غير الرسمية في ظل التحولات الاجتماعية السريعة التي تشهدها المملكة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
لم يكن مفاجئاً أن يُرفق إعلان خطوبة كريستيانو رونالدو، نجم كرة القدم العالمي، بصورة ألماسة بحجم حبة زيتون ضخمة. إلا أنّ الموقع المُشار إليه في منشور "إنستغرام"، الذي نشرته شريكته منذ 9 سنوات، عارضة الأزياء والمؤثرة جورجينا رودريغيز، أثار الدهشة. فصورة يدها المزينة بالألماس لم تُنشر من باريس أو بورا بورا أو دبي، بل من الرياض في المملكة العربية السعودية.
لا تشتهر عاصمة المملكة المحافظة بشكل عام بكونها مكاناً يقصده الأزواج الذين يسافرون حول العالم للاحتفال بعلاقاتهم الرومانسية. فقبل عقد من الزمن، كانت الشرطة الدينية تجوب شوارع المدينة بحثاً عن الشركاء غير المتزوجين، وتطالب النساء بتغطية شعرهن. وكانت ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، حتى وقت قريب، تُعاقب بالجلد.
وفي الوقت الذي احتفل فيه المعجبون بالخطوبة الجديدة، سلّط الإعلان الضوء على حقيقة أنّ الشريكين غير متزوجين ويعيشان مع أطفالهما في مدينة سعودية منذ عامين. والرياض هي المكان الذي شهد أحد فصول نعيم العزوبية الذي كان يعيشه رونالدو بعد انتقاله إليها عام 2022 بموجب عقد ضخم للعب مع نادي النصر السعودي. وقد رافقته السيدة رودريغيز وأطفالهما. ويبدو أنّ الأسرة تعيش حياة مريحة وفاخرة في المملكة، الأمر الذي يمثل اختباراً لحدود التغيير الاجتماعي السريع في المملكة العربية السعودية.
منذ وصوله إلى سُدّة الحكم في عام 2015، أشرف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على سلسلة من التحولات السياسية التي جعلت الدولة المحافظة للغاية في السابق غير قابلة للتمييز، بحيث خفف القيود الاجتماعية وزاد القمع السياسي.
قبل سنوات، كان مجرد ركوب امرأة سيارة مع سائق ذكر لا تجمعه صلة قرابة بها يثير التساؤلات عند نقاط التفتيش التابعة للشرطة؛ وهذه معضلة متناقضة في المملكة. إذ لم يكن مسموحاً للنساء قيادة السيارة حتى عام 2018. أما اليوم، فليس واضحاً تماماً ما هو المسموح به: المواعدة؟ أم المساكنة؟ أم الحمل من دون زواج؟ لا يوجد قانون عقوبات مكتوب، وكل قاضٍ يفسر الشريعة الإسلامية - وهي العقيدة القانونية السائدة في المملكة – بشكل مختلف. هذا التعتيم الاستراتيجي يمنح الحكومة السعودية مجالاً للمناورة في ظل تطور التغيرات المجتمعية، الأمر الذي يثير أحياناً ردود فعل شعبية غاضبة ويؤدي إلى اعتقالات عشوائية ظاهرياً.
واليوم، أصبحت النساء تخرج إلى الشوارع مرتديات السراويل القصيرة والقمصان القصيرة، على الرغم من قواعد الذوق العام التي تحظر نظرياً ارتداء مثل هذه الملابس. والكحول محظورة، لكن السوق السوداء تزدهر بها. وأحياناً، يمكن رؤية شبان ثملين بوضوح يتشاجرون خارج أحد النوادي الليلية "الخالية من الكحول" في المدينة.
لم يستجب مركز التواصل الدولي التابع للحكومة السعودية لطلب التعليق على ما إذا كانت المساكنة مسموحة الآن، أو ما إذا كان قد تم منح استثناء خاص لرونالدو، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً وهو من أصل برتغالي. كما لم يستجب الفريق الإعلامي الخاص بالسيدة رودريغيز ورونالدو للأسئلة المتعلقة بخطوبتهما، بما في ذلك ما إذا كانت المعايير الاجتماعية في المملكة العربية السعودية قد لعبت دوراً في قرارهما بالزواج.
لقد شكّل انتقال رونالدو إلى السعودية إنجازاً كبيراً للحكومة التي تسعى إلى توسيع قطاعها الرياضي وتحسين صورة المملكة، من خلال ضم أحد أشهر الرياضيين في العالم إلى صفوفها. ويُعدّ رونالدو الشخصية الأكثر متابعة على "إنستغرام"، وقد شارك صوراً عن الحياة وكرة القدم في السعودية، تُظهر جانباً مختلفاً من البلاد.
وقد لعبت السيدة رودريغيز، البالغة من العمر 31 عاماً، وهي عارضة أزياء ومؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي ولديها برنامج في منصة "نتفليكس"، دوراً أساسياً في هذا العرض، حيث شاركت في فعاليات السجادة الحمراء، واستمتعت بأشعة الشمس مرتدية البيكيني خارج فيلتها الأنيقة، وزارت المنتجعات ذات النجوم الخمس مع أطفالها. والنساء الأقل حظاً اللاتي لا يستطعن تقديم شهادة زواج لا يستطعن بشكل عام الحصول على الرعاية الطبية أو التعليم أو الإقامة القانونية لأطفالهن، ولا يستطعن تسجيل أطفالهن.
وقد أثار رونالدو الشائعات والتكهنات، عند الإشارة إلى السيدة رودريغيز عدة مرات على أنها زوجته. لكنه طمأن معجبيه في برنامجها على "نتفليكس" بأنهما سيتزوجان يوماً ما. وقال: "أقول لها دائماً: عندما نتوافق".
لم يتضح متى أو أين تمت الخطوبة. واقتصر منشور السيدة رودريغيز على "إنستغرام" يوم الاثنين على التعليق التالي: "نعم، أوافق. في هذه الحياة وفي كل حياة". وقد تبادل متابعوها العرب النكات، حيث علّق أحدهم بأنها "كانت خطوبة سريعة جداً!"
وانتشرت بسرعة كبيرة النكات العربية التي احتفلت بهذه المناسبة بطريقة فكاهية عبر الإنترنت، ومن بينها إحدى النكات التي تقول إنه اضطر إلى العمل في المملكة العربية السعودية لمدة عامين لتوفير تكاليف الزواج. وذكر تعليق آخر نكتة مصحوبة بصورة للزوجين مع أطفالهما ورد فيها "لقد كانت مجرد فترة تعارف"، في إشارة ساخرة إلى مرحلة المواعدة القصيرة التي يوافق عليها الأهل والتي يمر بها بعض الأزواج السعوديين والعرب قبل الزواج الرسمي.
وفي حزيران/يونيو الماضي، مدد رونالدو عقده مع المملكة العربية السعودية لمدة عامين آخرين. وقال في فيديو نشره النادي: "عائلتي تدعمني دائماً في قراراتي والشعب السعودي يعاملنا معاملة طيبة للغاية. لهذا السبب نرغب في العيش هناك ومواصلة حياتنا".
نقلته إلى العربية: زينب منعم.