النوادي الصيفية في لبنان.. أسعار باهظة تحرم الأطفال من التعلم والترفيه
مع ارتفاع رسوم النوادي الصيفية في لبنان إلى مئات الدولارات، يجد كثير من الأهالي أنفسهم عاجزين عن تسجيل أطفالهم هذا العام. في مواجهة الأزمة الاقتصادية، تتجه العائلات إلى بدائل منخفضة التكلفة كالكشّاف، والرياضات الفردية، والأنشطة العائلية.
-
النوادي الصيفية في لبنان.. أسعار باهظة تحرم الأطفال من التعلم والترفيه
مع انتهاء العام الدراسي، تفتح النوادي الصيفية أبوابها كالمعتاد لاستقبال الأطفال ضمن أنشطتها المتنوعة، بوصفها خياراً شائعاً للأهالي الباحثين عن برامج تربوية وترفيهية تغني أوقات أبنائهم. لكن ما يميز هذا العام هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون خصوصاً المقيمين في المناطق التي تعرضت لعدوان إسرائيلي، والتي دفعت كثيرين إلى الامتناع عن تسجيل أبنائهم في النوادي الصيفية، في ظل أسئلة متزايدة عن بدلات الإشتراك وأسعار هذه النوادي.
شهادات الأهالي: من الترفيه إلى الرفاهية
بين رسوم اشتراك تتجاوز مئات الدولارات وتكاليف نقل إضافية، باتت الأنشطة الترفيهية في النوادي الصيفية خارج متناول شريحة واسعة من الأهالي.
لم تتمكن السيدة منى خشن، وهي أم لثلاثة أولاد، من تسجيل أبنائها في نادٍ صيفي في بيروت هذا العام، ويعود ذلك لإرتفاع أسعار اشتراكات النوادي التي تتراوح بين الـ 300 دولار كحد أدنى وتتخطى عتبة الـ 450 دولاراً حيث مكان إقامتها، بالإضافة إلى خشيتها من "اللامساواة بين الأبناء" إذا التحق أحدهم وامتنع الآخرون.
الأمر نفسه تكرر مع علي كامل، العامل الذي لا يتجاوز دخله الشهري الـ 500 دولار. حيث كان قد سجل ابنه إيليا العام الماضي في نادٍ صيفي بمدينة صور بتكلفة 80 دولاراً، أما اليوم فارتفعت التكلفة إلى 150 دولاراً، يضاف إليها نحو 70 دولاراً للنقل من وإلى قريته المنصوري الجنوبية.
أما السيدة مريم أبو خليل، وهي أم لأربعة أبناء وتعمل في القطاع الرسمي، وراتبها الشهري وراتب زوجها لا يكادان يغطيان تكاليف المعيشة، لم تجد بعد بحث طويل نوادٍ صيفية في مدينة صور تقل رسومها عن 160 دولاراً للطفل الواحد، أي ما مجموعه 640 دولاراً ككلفة إجمالية، وهو مبلغ يفوق راتبها الشهري.
تباين في أسعار الاشتراكات
تختلف أسعار النوادي الصيفية في لبنان تبعاً لعوامل عدة، منها الموقع الجغرافي، وحجم ونوع الأنشطة، وعدد ساعات البرنامج اليومي، والتجهيزات، والكادر التعليمي وغيرها من العوامل الأخرى. والجدير ذكره، أن اشتراكات النادي الصيفي في بعض مناطق مدينة بيروت والجنوب تخطّت عتبة الـ 350 دولار للطفل الواحد.
تقيم مدرسة الشهيد حسن قصير في بيروت ككل عام، ناد صيفياً يتضمن برنامجاً شاملاً من عمر 3 سنوات حتى 14 سنة، وذلك على امتداد خمسة أسابيع، أربعة أيام في الأسبوع ثلاثة منها حضوري في المدرسة (أربع ساعات باليوم) والرابع مخصص للرحلات الخارجية. وفقاً لمديرة المدرسة الأستاذة رحمة الحاج، يتضمن برنامج النادي أنشطة تعليمية (رياضيات، علوم، تكنولوجيا، مختبر)، وأنشطة الحساب الذهني وتنمية المهارات، وأنشطة فنية (رسم، الأشغال، التطريز)، وأنشطة رياضية مختلفة، والطبخ والسباحة فضلاً عن الحفلين الإفتتاحي والختامي للمخيم.
المدرسة حددت اشتراك النادي الصيفي بـ 175 دولاراً، يشمل رسم الإشتراك وثمن الحقيبة والقميص المخصص للنادي، يضاف إلى هذا المبلغ بدل التأمين الصحي للسلامة العامة وبدل الرحلات الأسبوعية، أي بما مجموعه 230 دولاراً، وتدفع المؤسسة بالمقابل تكاليف تشغيلية، وثمن المواد الأساسية للأنشطة، وأجور المدربين والأساتذة والعمال وبدلات نقل وتأمين صحي.
في الجنوب، وتحديداً في الصرفند قضاء الزهراني، تدير السيدة ليال خليفة نادي "Sarafand Summer Camp" الذي يمتد ستة أسابيع، خمسة أيام أسبوعياً، لمدة خمس ساعات ونصف يومياً، مع رحلة ترفيهية واحدة أسبوعياً. يشمل البرنامج أنشطة رياضية، جمباز، فنون قتالية، رسم، أشغال يدوية، دراما، موسيقى، شطرنج، روبوت، وزراعة، بالإضافة إلى الطبخ وتنمية المهارات الحياتية. بدل الإِشتراك 200 دولار شهرياً (مع إمكانية إجراء حسومات)، والتكاليف تشمل أجور المدربين، إيجار القاعات، المعدات الرياضية، الأدوات الفنية، مستلزمات السلامة، وتكاليف الرحلات الخارجية.
جنوباً أيضاً وتحديداً في منطقة صور، حيث تقيم مدرسة التيروس – العباسية مخيماً صيفياً للأطفال، يمتد على مدة خمسة أسابيع، 4 أيام في الأسبوع بدوام 4 ساعات يومياً. وفقاً لمدير المخيم أيمن قليط، فإن الأنشطة الأساسية في البرنامج الصيفي هي ثقافية وتعليمية وترفيهية (بمعدل حصتين يومياً) بالإضافة إلى حصة سباحة وذلك مقابل بدل اشتراك بقيمة 100$. أما عن التكاليف، فهي تتضمن أجور ثلاث معلمات لمتابعة الصفوف، والتكاليف التشغيلية، والقرطاسية وكذلك بدل إيجار المسبح المستخدم.
البحث عن البدائل: صيف مفيد بأقل تكلفة
لم تمنع الأوضاع المعيشية الصعبة الأهالي من البحث عن بدائل لأنشطة أبنائهم خلال الصيف، فلجأوا إلى خيارات عديدة بديلة عن الأندية الصيفية.
اختارت منى خشن التي لم تتمكن من إلحاق أولادها في النادي الصيفي، الكشّاف كبديل عنه وذلك مقابل رسوم رمزية (10 دولارات للمشترك الواحد – لا تتضمن الرحلات)، حيث يحصل الأولاد على أنشطة ثقافية وترفيهية ودينية ورياضية، إضافة إلى قيامها بتنظيم رحلات عائلية أسبوعية مع الأقارب ونشاطات منزلية تهدف لمراجعة المنهج الدراسي.
علي كامل استبدل هو أيضاً النادي الصيفي لولده، بتسجيله بنادٍ لتدريب رياضة "الكاراتيه" في البلدة، وهي هواية ابنه المفضلة، وذلك مقابل اشتراك شهري 30 دولاراً، مع تخصيص رحلة أسبوعية للعائلة، وقد تساءل كامل عن تحرّك المعنيين في الدولة لوضع تسعيرة عادلة ومناسبة للنوادي الصيفية.
أما مريم أبو خليل، فقد اختارت نادي كرة القدم لتسجيل أبنائها الأربعة، بتكلفة إجمالية بلغت 100 دولار فقط (25 دولاراً للمشترك الواحد)، ووجهت نداءً للوزارة المعنية بضرورة توفير أنشطة صيفية للأطفال منخفضة التكلفة بالتنسيق مع البلديات، خاصة في القرى البعيدة، وذلك إسوةً بالمدن والبلدات الأخرى.