جوائز نوبل هذا العام سياسياً وأيديولوجياً

جائزةُ نوبل الممنوحة لبيدق ترامب، ماريا كورينا ماشادو، جاءت، في المقابل، جائزةَ ترضية لترامب، ودعماً لسياساته التصعيدية في فنزويلا خصوصاً، وأميركا اللاتينية عموماً.

  • الدخول إلى نوبل من خرم إبرة التطبيع مع العدو الصهيوني، كشرطٍ ضروريٍ غير كافٍ.
    الدخول إلى نوبل من خرم إبرة التطبيع مع العدو الصهيوني، كشرطٍ ضروريٍ غير كافٍ.

برزت، إعلامياً، 3 أسماء لدى الإعلان قبل نحو أسبوعين عن الفائزين بجائزة نوبل لعام 2025: ماريا كورينا ماشادو، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، لأنها زعيمة للحركة الانقلابية في فنزويلا وداعمة للتدخّل العسكري الأميركي في بلادها؛ وعمر ياغي، الذي فاز مناصفةً بجائزة نوبل للكيمياء مع عالمين آخرين نالا سويةً نصفها الثاني، لأنه أميركي وسعودي الجنسية، وفلسطيني-أردني الأصل، وابن مخيم للاجئين بالأساس؛ ودونالد ترامب، الذي رفرف اسمه في هوامش التغطية الإعلامية للجوائز لأنه لم يفز بشيء، على الرغم من كونه رئيساً للولايات المتحدة، ومن أنه لم يُخْفِ طمعه بنيل نوبل للسلام في كلّ فرصة ممكنة، ومن ذلك زعمه على منبر الأمم المتحدة في 23/9 الفائت، وفي مناسباتٍ أخرى، بأنه "حلّ 7 حروب"!

الخبر المتضمّن، في حالة الاسم الثالث، هو أنّ لجنة نوبل تجرّأت على تخييب ظنّ رئيس الولايات المتحدة الساعي لإعادة الاعتبار لمكانة بلاده دولياً ولتلميع اسمه شخصياً.

وليس ترامب أيّ رئيس، بل الرئيس الذي يتنمّر على دول العالم برسومه الجمركية، وعلى الدولة العميقة في الداخل الأميركي بقراراته التنفيذية، وهو الذي يهدّد تكراراً بشنّ ضربات عسكرية ساحقة ماحقة على غزة أو إيران أو فنزويلا أو غيرها.  

يفترض أن يوحي ذلك بأنّ مؤسسة نوبل منزّهةٌ عن أيّ تأثيرات، ولو من طرف الرئيس الأميركي ترامب ذاته، وأن يمنحها ذلك، ويمنح الجوائز التي تقدّمها في مجال الفيزياء والكيمياء والفيزيولوجيا أو الطب، والأدب والسلام والاقتصاد، مسحةً إضافية من الموضوعية والهيبة.  لكنْ، هيهات!

يذكر أنّ مؤسسة نوبل تشرف على إدارة الأصول المالية التي تمنح منها الجوائز، وعلى إدارة العملية واسعة النطاق لاختيار لوائح المرشحين لها كلّ سنة، وهم عادةً بالمئات.  

أما اختيار الفائزين النهائيين بالجوائز من بين هؤلاء فيقع، بعد ذلك، على عاتق الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في حالة جوائز الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، وعلى عاتق لجنة خاصة في معهد كارولينسكا السويدي الطبي في حالة جائزة الطب أو علم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا)، وعلى عاتق الأكاديمية السويدية، وهي المجمع اللغوي السويدي، في حالة جائزة الأدب. 

وتختلف حالة جائزة نوبل للسلام عن سواها في أنّ جهة غير سويدية، هي لجنة نوبل النرويجية، هي التي تحدّد فائزيها، وفي أنها يمكن أن تُمنحَ لمؤسساتٍ أو منظماتٍ أو أفراد، في حين تُمنح جوائز نوبل الأخريات لأفراد حصرياً.

بدأ منح جوائز نوبل سنة 1901، ما عدا جائزة نوبل في علم الاقتصاد التي أقِرّت بتدخّلٍ، مدعومٍ بتبرع كبير، من طرف البنك المركزي السويدي، سنة 1968، والتي منحت للمرة الأولى سنة 1969.  

ما يثير غضب الرئيس ترامب، على ما يبدو، هو أنّ عدداً من الرؤساء الأميركيين حازوا على جائزة نوبل للسلام، ناهيك بعددٍ وافرٍ من نواب الرؤساء ووزراء الخارجية والحرب الأميركيين.  ومن هؤلاء مثلاً الرئيس ثيودور روزفلت سنة 1906، والرئيس وودرو ويلسون سنة 1919، والرئيس جيمي كارتر سنة 2002، والرئيس باراك أوباما سنة 2009.  وهناك أيضاً نائب الرئيس الأسبق آل غور (2007)، ووزير الخارجية ومستشار الأمن القومي هنري كيسنجر (1973)، ووزير الحرب والخارجية وقائد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية جورج مارشال (1953)، الذي هندس مشروع مارشال لاستنهاض أوروبا الغربية اقتصادياً في سياق الحرب الباردة، وغيرهم كثير. 

أوباما بالذات، من بين هؤلاء جميعاً، يثير حنق ترامب لأنه ما زال يشكّل رافعة للديمقراطيين في مواجهة ترامب والترامبية، ولأنه كان "حاكم الظلّ" فعلياً في فترة توهانِ بايدن عقلياً، ولأنه نال نوبل للسلام بعد مضي أقلّ من 8 أشهر على استلامه السلطة رسمياً.  

يذكر أنّ قوائم المرشحين للجوائز كافةً يفترض أن تُسلّم من مؤسسة نوبل إلى لجان نوبل المكلّفة باختيار الفائزين في نهاية شهر كانون الثاني/يناير كلّ عام، ولا يمكن ترشيح أحد بعد ذلك الموعد، في حين استلم أوباما الرئاسة رسمياً في 20/1/2009، أي أنه رُشّح لجائزة نوبل للسلام بعد 11 يوماً على الأكثر من تولّيه الرئاسة، أي قبل أن يظهر أيّ شيء من سجله، بل كان الحصول على الجائزة، بالنسبة إليه، أقرب لـ "قهوة أهلاً وسهلاً".    

لا يتعلّق الأمر إذاً بأيّ جهود لإحقاق السلام هنا، ولم يكن أوباما قبلها صنو المهاتما غاندي، والذي لم ينل جائزة نوبل أبداً، حتى أنّ أوباما ذاته تفاجأ بها، و"لم يعد نفسه مستحقّاً لها"، بحسب ردّ فعله الأوّلي عندما بلغه أنه ربحها، بحسب "نيويورك تايمز" ووكالة "رويترز" وغيرهما في 9/10/2009، ولم يُعِقه ذلك عن استلامها طبعاً. 

والأرجح أنّ أوباما رُشّح لها بعد إعلان فوزه بالرئاسة في 4/11/2008، قبل استلامه للحكم، لإرسال رسالة محدّدة، من طرف مؤسسة مرموقة دولياً، وهي المصادقة على التحوّل الكبير المزمع في الغرب الجماعي بعيداً عن نهج بوش الابن القائم على الحروب الاستباقية، وقلب الأنظمة بالغزو المباشر، والسياسات الأحادية الأميركية التي لا تلقي بالاً للمؤسسات الدولية أو حتى حلفاء الولايات المتحدة.

وبعيداً عن نرجسية الرئيس ترامب وسطحيته، وولعه بسيكولوجيا الصورة، وحرصه الدائم على أن يبدو "أعظم رئيس لأعظم بلد على وجه الأرض"، وأن يضارع أوباما بالتالي في نيل جائزة نوبل في سنته الأولى في الحكم، فإنّ عوائق وصول ترامب إلى جائزة نوبل للسلام، برأيي المتواضع، تتمثّل في تعامله الاستعلائي والفظّ مع الأوروبيين، وفي إعلان رغبته تكراراً بأن يضمّ غرينلاندا وكندا، والأهمّ، في موقفه من حرب أوكرانيا، وميله باتجاه التفاهم مع روسيا على حساب أوكرانيا وأوروبا من أجل عزل الصين وتفكيك "بريكس". 

لا يحتاج ترامب إلى مبلغ الـ 1.2 مليون دولار تقريباً الذي يتلقّاه رابحو جائزة نوبل، بل ربما يكون على أهبة الاستعداد لإنفاق أضعاف أضعافه من ماله الشخصي لنيلها. لكنّ ذلك لن يفيده كثيراً، بل سيبقى باب الجائزة، واحتمالية نيلها "في العام المقبل"، مفتوحاً أمام ترامب، من أجل ابتزازه معنوياً والضغط عليه من أجل العودة عن بعض مواقفه أوكرانياً وأوروبياً. 

ولعلّ إلغائه اللقاء المزمع مؤخراً مع الرئيس بوتين، وفرض عقوبات على شركتي روزنفط ولوك أويل، المسؤولتين عن بيع نحو نصف النفط الروسي، وتصريحات ترامب التي عبّر فيها عن إحباطه من بوتين زاعماً قلّة تجاوبه مع جهود إحقاق السلام في أوكرانيا، جاء من قبيل احتواء الحملة عليه بأنه يميل مع روسيا على حساب أوروبا.  

فهل سيثبت ذلك الاتجاه لديه، أم أنه سينقلب على مؤسسة نوبل إذا رفضته محاولاً تحطيمها، كما فعل مع الدولة العميقة في الولايات المتحدة ذاتها؟   

جائزةُ نوبل الممنوحة لبيدق ترامب، ماريا كورينا ماشادو، جاءت، في المقابل، جائزةَ ترضية لترامب، ودعماً لسياساته التصعيدية في فنزويلا خصوصاً، وأميركا اللاتينية عموماً، لأنّ ماشادو مطروحة بديلاً انقلابياً للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في سياق رافض لأيّ حلّ أو تفاهم سوى الخضوع والاستسلام غير المشروطين.  

ومن البديهي أنّ ماشادو ليس لها أيّ سجل في الترويج للسلام العالمي أو السلام في فنزويلا، ولا ينطبق عليها أيٌ من المقاييس التي حدّدها مؤسس الجائزة ألفرد نوبل لاستلام الجائزة، كما لاحظ مناهضون للحكم في فنزويلا، ومؤيّدون لها، ومنهم على سبيل المثال، لا الحصر، موقع "ذا كونفرزيشن" في 10/10/2025.

تُحسب ماشادو على أقصى اليمين، وتناهض خطّ تشافيز عقائدياً، وتدعو لخصخصة شركة النفط الفنزويلية PDVSA، وتعادي تدخّل الدولة في الاقتصاد على نمط الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وتقول إنّ نموذجها الأعلى هو مارغريت ثاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا الأسبق، بحسب صحيفة "ألباييس" الإسبانية في 10/10/2025. 

وهي ترفض التفاوض مع حكومة الرئيس مادورو، ولا ترى فائدة من صندوق الاقتراع في إطاحته، بل تدعو إلى تدخّل عسكري خارجي للقيام بتلك المهمّة، لكنها شاركت في الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 2024 لتوتير الشارع وتصعيد التناقضات إلى نقطة الصدام المباشر، كما تبيّن لاحقاً.  

وهي تصف الرئيس الفنزويلي مادورو بأنه "ديكتاتور مخدّرات" Narco-dictator، لكنها تؤيّد "الاستخدام الطبي لحشيشة الكيف"، بحسب مقابلة لها في "كاراكس كرونيكلز"، في 31/5/2023. وهي داعم متحمّس لترامب عموماً ولنهجه في أميركا اللاتينية خصوصاً، وقد أيّدت نشر البحرية الأميركية في البحر الكاريبي ابتداءً من آب/أغسطس الفائت.

الأهمّ من ذلك كله أنها داعمة متحمّسة لنتنياهو ولحزب الليكود الذي وقّعت اتفاقية تعاون رسمية معه سنة 2020، ولديها منشورات من نوع: "إنّ نضال فنزويلا هو نضال إسرائيل. إنّ إسرائيل حليفٌ حقيقيٌ من أجل الحرية". وقد تعهّدت باستعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني التي قطعها القائد الأممي تشافيز في إثر العدوان الصهيوني على غزة سنة 2009. 

وفي منشور لها في منصة "أكس"، في 17/10/2025، قالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام إنها اتصلت بالمحكوم من الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو، ما دام الحديث عن مقاييس المؤسسات الدولية، كي تشكره على تهنئته بجائزة نوبل، وكي تعبّر عن دعمها لـ "إسرائيل".

الدخول إلى نوبل من خرم إبرة التطبيع مع العدو الصهيوني، كشرطٍ ضروريٍ غير كافٍ، هو أمر لا يمكن فهم حصول عمر ياغي على جائزة نوبل في الكيمياء من دونه، إذ إنه سبق أن تلقّى جائزة وولف سنة 2018، وهي المعادل "الإسرائيلي" لجائزة نوبل، وتبلغ قيمتها 100 ألف دولار، ويقدّمها رئيس "إسرائيل" شخصياً. ولا أعرف إذا ذهب روفِن ريفلِن، رئيس الكيان الصهيوني بين عامي 2014 و2021، إلى جامعة بيركلي ليقدّمها لعمر ياغي، أم أنّ ياغي هو الذي ذهب إلى الكيان الصهيوني لاستلامها!

تتبّع عمر ياغي هنا خطى أحمد زويل، الذي تلقّى جائزة وولف سنة 1993 بدوره، وذهب إلى الكيان الصهيوني لتلقّيها، وألقى خطاباً أمام الكنيست في 16/5/1993، قبل حصوله على جائزة نوبل في الكيمياء سنة 1999.

وكان التطبيع، والدفاع عن التفاهم مع "إسرائيل"، وإقامة علاقات واسعة مع "إسرائيليين"، حتى قبل توقيع معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية سنة 1979 (بحسب حوار له مع مجلة "المجلة" سنة 1978 أعيد نشره تكراراً)، هو مدخل نجيب محفوظ للوصول إلى "العالمية"، والحصول على جائزة نوبل في الأدب سنة 1988.  

ومنذ ذلك الوقت، راحت تسيل "ريالة" عدد غير يسير من الأدباء والشعراء العرب، في سعيهم نحو "العالمية"، ممن يعدّون أنفسهم أكثر استحقاقاً لنوبل للآداب من محفوظ، تماماً كما ترامب وأوباما، الأمر الذي دفع أكثر من واحد منهم للتنكّر لهويته الوطنية والحضارية، وللقيام بخطوات تطبيعية مع العدو الصهيوني علناً، وتبرز هنا أسماء فلسطينية وسورية بارزة.

وكان ياسر عرفات قد حصل على جائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع شمعون بيريز وإسحق رابين سنة 1994، مكافأةً له على اتفاقية أوسلو وتجربة التفاوض مع العدو الصهيوني.

وإلى جانب التطبيع، يشار إلى أنّ عدد اليهود الحائزين على جوائز نوبل بلغ 220 من بين 990 فائزاً بين عامي 1901 و2025، أي أنهم أكثر من 22% من الفائزين، بما يفوق نسبتهم من سكان العالم آلاف الأضعاف.  

يعني ذلك أحد أمرين بالضرورة: إما الإقرار بـ "التفوّق العرقي للشعب اليهودي"، أو أنّ جائزة نوبل خاضعة لمقاييس صهيونية. القرار لكم. لكنْ، لطالما أشرت إلى أنّ مشكلتنا لا تقتصر على احتلال إسرائيلي لكلّ فلسطين أو لجزءٍ منها، بل تكمن مشكلة عامّة الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم مع الحركة الصهيونية العالمية.

كان الخبر الرابع الذي لم يتلقَ تغطية كافية إعلامياً في جوائز نوبل هذا العام هو حصول عالم الاقتصاد والمؤرّخ الاقتصادي الإسرائيلي، جول ميخائيل موكير على جائزة نوبل للاقتصاد هذا العام مناصفةً مع اثنين آخرين نالا معاً نصفها الثاني. وذكر أنّ السبب هو "اكتشافه شروط النمو الاقتصادي المستدام من خلال التقدّم التكنولوجي".

لكن يخطئ من يظن أنّ جوائز نوبل تحكمها الاعتبارات السياسية فحسب، فهي بصفتها أرفع جائزة يمكن أن تمنح عالمياً ترسل مؤشرات مهمة جداً بشأن المواضيع وفروع البحث الأكثر مفصليةً والمطلوب التركيز عليها من طرف الباحثين المتميّزين في مرحلة تاريخية محدّدة، لا الشخصيات والتوجّهات السياسية المطلوب تلميعها فحسب، كما في جائزة نوبل للسلام.

على سبيل المثال، تركّزت جوائز نوبل في الفيزياء عقب الحرب العالمية الثانية على الفيزياء النووية. وفي مجال علم الاقتصاد، من المؤكّد أنه كان لافتاً منح جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 1974 لفريدريك حايك، أحد أتباع المدرسة النمساوية اليمنية المتطرّفة، في وقتٍ كان يعتمد فيه الغرب على "دولة الرفاه" والاقتصاد المختلط القائم على تدخّل الحكومة في الاقتصاد في خضمّ الحرب الباردة.  

يتبع أنّ منح جائزة نوبل في الاقتصاد للنيوليبرالي المتطرّف ميلتون فريدمان سنة 1976 كان مفاجئاً بالمقدار ذاته، ومؤشّراً على المطلوب أن يأتي عندما جرى حسم المعركة ضدّ الكينزية في أقسام الاقتصاد في الجامعات الأميركية في الثمانينيات.

لم يكن مفاجئاً، في المقابل، منح جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2005 لعالم الاقتصاد والرياضيات الإسرائيلي روبرت أومان الذي قدّم إسهامات في تطوير "نظرية الألعاب" Game Theory، مع العلم أنه استخدم تلك النظرية الرائدة في علم الاقتصاد آنذاك للمجادلة ضدّ تفكيك المستوطنات اليهودية خارج الأراضي المحتلة سنة 1948.  

وحتى عام 2025، حاز دكاترة الاقتصاد في جامعة شيكاغو، التي يعدّ قسم الاقتصاد فيها معقل الليبرالية المتطرّفة، على 15 جائزة نوبل، في مقابل 10 لجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، و9 لدكاترة قسم الاقتصاد في جامعة هارفارد. وهذا بدوره يرسل مؤشراً بشأن التوجّهات المطلوب تعزيزها.

الحائز على جائزة نوبل للآداب هذا العام هو الروائي الهنغاري لازلو كرازناهوركاي الذي اشتهر بأسلوبه الصعب، وجمله الطويلة والمعقّدة، وغموض معانيه، والذي يصنّف ضمن مدرسة ما بعد الحداثة.  

ومن العلامات الفارقة في نوبل حصول رئيس إثيوبيا آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام سنة 2019، على الرغم من أنه خاض حروباً ضارية بعدها، وأنّ جهوده لتعطيش مصر عبر سدّ النهضة كان قد مضى عليها 7 أو 8 سنوات.

ومن العلامات غير الفارقة حصول إيلي ويزِل على جائزة نوبل للسلام سنة 1986 لجهوده في تعميم أساطير "المحرقة".  

ثمّة جوائز عالمية أخرى لا تغطيها جائزة نوبل، مثل جائزة بوليتزر للصحافة، والأدب، والموسيقى، وجائزة فيلدز في الرياضيات، وجائزة تورينغ لعلم الحاسوب، وجائزة بريتزكر للعمارة، لكنّ جائزة نوبل تبقى الأهم عالمياً في الميادين التي تُقدّم فيها. 

وهي تؤدّي دوراً في تحديد التوجّهات العالمية التي ينبغي تعزيزها في ميدانٍ ما، كما أنها ذات أهمية سياسية وأيديولوجية، فإذا كان التهميش والإقصاء من العمل وعرقلة الترقية الأكاديمية العصا لمن يسير عكس التيار، فإنّ منح تلك الجوائز هو الجزرة، بل جزرة الجزرات، لمن يخدم المنظومة الدولية المسيطر عليها غربياً وصهيونياً بصورة أكبر.