"فايننشال تايمز": مؤسّسة غزة الإنسانية تتطلّع لدور جديد بعد الحرب
"مؤسّسة غزة الإنسانية" تجري مداولات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين من أجل أداء دور جديد في قطاع غزة، بعد وقف إطلاق النار وإيكال توزيع المساعدات الانسانية للمؤسّسات الأممية.
-
فلسطينيون يحملون المساعدات عند خروجهم من أحد مراكز "مؤسسة غزة الإنسانية" (أرشيفية)
كشف تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية، اليوم الخميس، أنّ "مؤسسة غزة الإنسانية" تتطلّع لأداء دور جديد في قطاع غزة، بعد وقف إطلاق النار.
وفي التفاصيل، أفاد العديد من المطّلعين على الصحيفة بأنّ مؤسّسة غزة الإنسانية "GHF" تجري محادثات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين بشأن دور جديد محتمل هناك بعد الحرب، "في الوقت الذي تناضل فيه من أجل البقاء".
وعلّقت المؤسّسة توزيع المواد الغذائية في غزة، منذ سريان وقف إطلاق النار، حيث تواجه أزمة سيولة نقدية، مما يثير تساؤلات حول مستقبلها.
لكنّ المؤسّسة تتطلّع إلى دور مستقبلي، حسبما قال 4 أشخاص مطلعين على المداولات، مع أنها ليست جزءاً من الاستجابة الإنسانية الحالية في القطاع.
في السياق، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مناقشات مع كبار الضباط العسكريين الأميركيين، ومسؤولين في مركز التنسيق المدني العسكري "CMCC"، وهو هيئة متعدّدة الجنسيات أنشأتها إدارة ترامب في جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، للإشراف على الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في غزة بعد الحرب.
وقال مصدران مطلعان على المناقشات إنّ أحد الأشخاص الذين يجرون محادثات في مركز "CMCC" مع ضباط عسكريين أميركيين هو رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي مايكل إيزنبرغ، الذي ساعد في التخطيط وإنشاء "GHF" في وقت سابق من هذا العام.
ومن بين الأفكار قيد المناقشة هو قيام المؤسّسة بإدارة مراكز توزيع الأغذية في الأراضي التي لا تزال تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وإدارة مراكز لوجستية لإعادة بناء القطاع، أو تقديم المساعدات إلى منظّمات غير حكومية أخرى.
المؤسّسة تواجه أزمة مالية
وتواجه مؤسّسة "GHF" أزمة سيولة، مع وجود تمويل كافٍ يكفي لاستمرار عملياتها حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أو أوائل كانون الأول/ديسمبر المقبلين، وفقاً للمجموعة، التي أكدت أنّ عملياتها "معلّقة مؤقتاً" فقط.
وتتطلّع شركات المقاولات العسكرية الخاصة التي تعمل مع "GHF"، بما في ذلك "UG Solutions"، أيضاً إلى مواصلة العمل في مجال الأمن في غزة.
إذ قالت منظمة "GHF": "إنّ دورنا قد يتطوّر، ومن المرجّح أن يتطوّر، بناءً على ما هو مطلوب على الأرض".
مصدر مطلع على الشؤون الإنسانية في غزة، وهو منتقد للمؤسّسة، قال لـ "فايننشال تايمز" إنّ المؤسّسة "نشطة للغاية" ويمكنها الاستمرار "تحت غطاء مختلف"، مضيفاً أنّ "مؤسّسيها يعملون على مشاريع أكبر وأفضل، وصفقات أكبر وأفضل".
وصرّح متحدّث باسم المؤسّسة بأنّ شاحناتها مُحمّلة وتنتظر عند معبر كرم أبو سالم الحدودي مع غزة.
علاقة مؤسّسة غزة بالجمعيات الإنسانية والأممية
وقالت 3 مصادر مطلعة إنّ العلاقات بين ممثّلي المؤسسة وبعض مسؤولي الأمم المتحدة تحسّنت في الأسابيع الأخيرة.
ومنذ أن بدأت المؤسسة عملياتها، في أيار/مايو الماضي، واجهت جدلاً واسع النطاق حول أصولها ومصادر تمويلها الغامضة، واعتمادها على متعاقدين مسلحين من القطاع الخاص لتأمين مراكز المساعدات الخاصة بها.
وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار على أن يتمّ تسليم المساعدات عن طريق الأمم المتحدة والهلال الأحمر و"مؤسّسات دولية أخرى غير مرتبطة بأيّ شكل من الأشكال [بـ "إسرائيل" أو حماس]".
منظّمة "GHF" زعمت أنها وزّعت 185 مليون وجبة، خلال خمسة أشهر تقريباً من عملها، إلا أنّ الأوضاع الإنسانية داخل القطاع تدهورت.
كذلك زعم شخصان مقرّبان من مؤسّسة "GHF" أنّ العمليات في مراكزها تحسّنت بعد الأسابيع الأولى الفوضوية، حيث أصبح توزيع الأغذية "طبيعياً" وتمّ تقديم الرعاية الطبية من خلال "Samaritan's Purse"، وهي منظمة غير حكومية إنجيلية أميركية.
لكنّ منسّق الطوارئ في غزة لدى منظمة أطباء بلا حدود، أيتور زابالغوجيازكوا،نفى هذا الادّعاء، قائلاً إنّ الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول إلى مواقع المؤسّسة كانوا لا يزالون يتعرّضون للإصابة بالنيران الحيّة حتى أوقفت عملياتها، ولفت إلى أنّ "الأعداد انخفضت إلى 0 فور توقّفها".
في المقابل، قال عدة أشخاص مقرّبين من المؤسسة إنها ضغطت على "إسرائيل" لزيادة تدفّقات المساعدات إلى غزة، بما في ذلك عبر الأمم المتحدة، لتخفيف الضغط على مواقعها، وتمكينها من فتح مواقع في مناطق جديدة، لكنّ السلطات الإسرائيلية رفضت.
ولم يتمّ الكشف عن تمويل المؤسّسة، لكنّ الولايات المتحدة خصصت لها 30 مليون دولار، ولم يتمّ صرف المبلغ بالكامل، وقالت المنظمة إنها تلقّت تعهّداً بدفع 100 مليون دولار من حكومة لم يتمّ الكشف عن هويتها.
وتدّعي المجموعة أنّ "الطلب على مساعداتنا لا يزال قائماً"، لكنّ سكان غزة أقلّ اقتناعاً بذلك، خاصةً وأنّ تدفّقات المساعدات زادت من خلال قنوات أخرى منذ سريان وقف إطلاق النار.
إعادة إنشاء مقارّ للمؤسّسة خلف "الخط الأصفر"
مركز الإغاثة التابع للمنظّمة في وسط غزة أخلي بعد انسحاب قوات الاحتلال، وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية اجتياح الغزيين للموقع وتدمير بنيته التحتية.
على الصعيد نفسه، قال شخصان مطلعان على الوضع إنّ إحدى الأفكار التي تجري مناقشتها هي إعادة إدخال مراكز مساعدات المؤسّسة إلى المناطق التي تحتلها "إسرائيل" خلف ما يسمّى "الخط الأصفر"، والتي تمثّل نحو نصف غزة.
كما قال مسؤول إسرائيلي كبير سابق إنه "من المفترض مبدئياً أن تُنفَّذ هذه الخطوات، لكنّ القائمين على المؤسّسة يُجرون تحرّيات... ويُخبرون المسؤولين الأميركيين بمدى نجاحها"، وأضاف: "لا يزال مستقبلها غامضاً".
وأقرّت "مؤسسة غزة الانسانية"، في حزيران/يونيو الفائت، بفشلها في توزيع المساعدات على الغزيين، ملقية اللوم على حركة حماس، على الرغم من العديد من التوثيقات التي تؤكّد تعرّض الفلسطينيين لإطلاق نار مباشر من الجنود الإسرائيليين.