"Responsible Statecraft": مشروع قرار أميركي يجيز استهداف أكثر من 60 دولة
مشروع قانون تفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF) المقترح قد يسمح لترامب باستهداف أكثر من 60 دولة.
-
ضربة أميركية على قارب مخدرات فنزويلي
مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر تقريراً يتناول مقترحاً لتفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF) يجيز للرئيس الأميركي صلاحيات واسعة لملاحقة ما يُسمّى "إرهابيي المخدرات"، ويحلل تداعياته القانونية والسياسية والجغرافية.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
قد يمنح مشروع قانون تفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF) الرئيسَ صلاحيات واسعة لملاحقة مَن يُزعم أنهم "إرهابيو مخدرات".
يتداول حالياً في الكونغرس والبيت الأبيض اقتراحٌ لتفويض استخدام القوة العسكرية الأميركية ضد عصابات المخدرات، وفقاً لتقريرٍ حديث نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
ورغم أنّ النسخة الرسمية من الاقتراح لم تُنشر بعد، تُشير المعلومات المتاحة إلى إمكانية استخدامه لتبرير التدخّل العسكري الأميركي في ستين دولة على الأقل.
تصاعدت وتيرة "الحرب على المخدرات" التي تقودها الولايات المتحدة بسرعة خلال الشهر الماضي، فبعد أن وقّع البيت الأبيض توجيهاً سرياً يجيز شنّ هجمات على عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة وشرعت في سلسلة غارات جوية استهدفت قوارب مدنية يُزعم أنها تُهرّب مخدرات في المياه الدولية للبحر الكاريبي. ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تلك الغارات بأنها "إعدامات غير قانونية خارج نطاق القضاء".
وأثار مدى ما ينبغي لواشنطن أن تبلغه في حملتها الجديدة لمكافحة المخدرات جدلاً داخل إدارة ترامب. فعندما اقترحت إدارة مكافحة المخدرات (DEA) استخدام الجيش الأميركي لمهاجمة عصابات المخدرات داخل الأراضي المكسيكية خلال اجتماع بالبيت الأبيض في وقت سابق هذا العام، اعترض مسؤولون في وزارة الدفاع ووكالات أخرى جزئياً لافتقار السلطة التنفيذية إلى تفويضٍ قانوني كافٍ.
يُعدّ "تفويض استخدام القوة العسكرية" الأداة الأكثر استخداماً اليوم لتبرير الأعمال العدائية. فالتفويض الذي أُقرّ رداً على هجمات 11 أيلول/سبتمبر مهّد الطريق لـ"حرب عالمية على الإرهاب" استُخدم لاحقاً لاستهداف العديد من مشتبه بهم لا علاقة لهم بالهجمات الأصلية. وبفضل صيغته الفضفاضة، استُخدم تفويض عام 2001 لتبرير تدخلاتٍ في ما لا يقل عن 22 دولة.
بدأ تداول اقتراح يُنسب إلى النائب كوري ميلز (جمهوري عن فلوريدا) لإصدار تفويضٍ جديدٍ يستهدف "إرهابيّي المخدرات". ويبدو أنّ مشروع قانون ميلز، المصاغ على غرار تفويض 2001، واسع النطاق أيضاً: فعلى الرغم من أنه دُوِّن ليُدوم خمس سنوات، إلا أنه لا يحدد أهدافاً بعينها ولا يضع قيوداً جغرافية.
وصف البروفسور جاك جولدسميث في جامعة هارفرد الاقتراح لصحيفة "نيويورك تايمز" بأنه "واسع النطاق للغاية"، وبأنه "تفويض حرب مفتوح ضد عدد لا يُحصى من الدول والمنظمات والأشخاص الذين قد يعتبرهم الرئيس ضمن نطاقه". وتمنح مسودة التفويض المروّجة عن ميلز الرئيس سلطة استخدام "كل القوة اللازمة والمناسبة ضد الدول أو المنظمات أو الأشخاص الذين يحددهم الرئيس على أنهم إرهابيون مرتبطون بالمخدرات"، بما في ذلك من يقدمون التمويل أو الدعم.
على سبيل المثال، تعمل كارتل سينالوا، التي صنّفتها إدارة ترامب منظمةً إرهابية أجنبية في شباط/فبراير، في "47 دولةً على الأقل"، وفقاً لإدارة مكافحة المخدرات. وفي سلسلتها البحثية عن سياسات الكارتلات، تذكر الباحثة فاندا فيلباب براون دولاً عدّةً يُزعم تورطها بأنشطة سينالوا، منها ألبانيا وأستراليا وبلجيكا وتشيلي والصين وكولومبيا وفرنسا وألمانيا والهند وإيطاليا والمغرب وهولندا ونيوزيلندا ونيكاراغوا ونيجيريا وإسبانيا والمملكة المتحدة وغيرها. وتُضاف دول أخرى، مثل بليز وكندا وكوستاريكا والدومينيكان وبنما وتايلندـ إلى قائمة المواقع التي يُقال إن سينالوا تنشط فيها.
لو استهدف التفويض سينالوا وحدها، لكان ذلك مجرّد تبريرٍ نظري لتدخلاتٍ أميركية في 42 دولة على الأقل. لكن سينالوا ليست الوحيدة؛ فإدراج كارتلاتٍ أخرى مثل "عصابة الجيل الجديد في خاليسكو" و"ترين دي أراغوا" وغيرها، سيزيد القائمة لتشمل دولاً إضافية في أميركا الجنوبية والوسطى وربما خارجها.
وبالمثل، صنّفت إدارة ترامب عدداً من البلدان كطرق عبور للمخدرات ذات أولوية، مؤكدةً أنّ "مساعدتنا" كانت "حيوية للمصالح الوطنية للولايات المتحدة" في أماكن مثل أفغانستان وبوليفيا وكولومبيا وميانمار وفنزويلا. وبالنتيجة، قد يتيح التفويض المقترح تدخلاً عسكرياً أميركياً في عشرات الدول بسبب الطبيعة العابرة للحدود لتجارة المخدرات والتباين في تعريف "عصابات المخدرات".
وعلى نحوٍ أكثر إثارةً للقلق، قد يُساء استخدام التفويض لتبرير أعمال عدائية داخل الولايات المتحدة نفسها؛ فمثلاً تُنسب جذور "MS-13" إلى لوس أنجلس ولا تزال تمارس أنشطة داخل البلاد وخارجها. ومع ذلك، يُستبعد حدوث ذلك عملياً نظراً لوجود ضمانات دستورية واضحة تُقيّد الاستهداف خارج نطاق القضاء داخل الولايات المتحدة، ما لم يقرر الرئيس ألّا يلتزم بهذه الضمانات، وهو افتراضٌ يُبقي هذا النقاش حول الشرعية قائماً بناءً على ما ستفعله السلطات الأخرى، بما في ذلك المحاكم.
وفي وقت سابق من هذا العام، أدرج البيت الأبيض قائمة طويلة من كارتلات أميركا اللاتينية ضمن "المنظمات الإرهابية الأجنبية" الوطنية. وبموجب الاقتراح المعلن لميلز، قد يتمتّع الرئيس بسلطة شن حرب على أيٍّ من هذه المنظمات أينما وُجدت. وبالنظر إلى طبيعة الاتجار بالمخدرات العالمية واختلاف التعريفات، قد يعني ذلك تدخلاً عسكرياً أميركياً في عشرات الدول.
لطالما سعت السلطات الأميركية لربط "الحرب على المخدرات" بـ"الحرب على الإرهاب"، مستخدمةً مفهوم "إرهاب المخدرات" لضمّ شبكات الاتجار إلى نطاق مكافحة الإرهاب. ففي 2011، ادعت إدارة مكافحة المخدرات أن 39% من المنظمات الإرهابية الأجنبية "لديها صلات مؤكدة بتجارة المخدرات". ونتيجة لذلك، قد يُطبّق التفويض المقترح على مجموعات مصنّفة إرهابية تقليدية مثل القاعدة وحزب الله وطالبان.
وبالتالي، قد يمدّ هذا التفويض صلاحياتٍ إضافية للولايات المتحدة للتدخل في دولٍ تنشط فيها هذه الجماعات، من طالبان في أفغانستان وباكستان، إلى حزب الله في لبنان، وإلى فروع القاعدة المزعومة في الجزائر وبوركينا فاسو وإيران والعراق وليبيا ومالي والصومال وسوريا واليمن.
لطالما اتُهم جيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN) بالاتجار بالمخدرات. ونظراً لمشاركة كوبا في مفاوضات بين "ELN" والحكومة الكولومبية، قد تُصنَّف كوبا "دولة راعية للإرهاب" في إطار هذا التفكير، ما يفتح المجال افتراضياً لاستخدام التفويض للانخراط في أعمال عدائية ضد كوبا. وبالمثل، تسهم محاولات ربط قيادة فنزويلا بـ"كارتل الشمس" في احتمالات استهداف مؤسسات أو جيوشٍ حكومية، لا الاقتصار على الكارتلات وحدها.
بجمع كل التطبيقات المحتملة، قد يمنح مشروع القانون مبررات للبيت الأبيض للانخراط في نشاط عسكري هجومي في أكثر من ستين دولة. وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات حالياً على أن الكونغرس حريصٌ على تبنّي تفويضٍ جديدٍ بهذا الاتساع، فإن تمريره سيُدمج عملياً اثنين من أكبر إخفاقات السياسة الأميركية؛ الحرب على المخدرات والحرب على الإرهاب، في مفهومٍ واحدٍ قد يوسّع نطاق الصراع المسلح في نصف الكرة الغربي وما بعده.
نقله إلى العربية: الميادين نت.