"فايننشال تايمز": مهادنة أوروبا لترامب تخسرها كرامتها السياسية

صحيفة "فايننشال تايمز" تتحدث عن أن أوروبا اختارت التكيّف مع عودة ترامب عبر الثناء عليه وتقديم وعود فارغة، ما أفقدها أدواتها السياسية وقوّض قدرتها على مواجهة سياساته، محذّرة من أن هذا النهج الانتهازي يهدد روحها الديمقراطية ويعمّق ارتهانها لواشنطن.

0:00
  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورؤساء ومسؤولي دول أوروبية (وكالات)
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورؤساء ومسؤولي دول أوروبية (وكالات)

رأت صحيفة "فايننشال تايمز"، أنّه ومع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدا المشهد الأوروبي مرتبكاً في التعاطي مع إدارته.

وأضافت: "لكن سرعان ما تبلور الخيار الاستراتيجي للقادة الأوروبيين: التكيّف مع الواقع الجديد بدلاً من المواجهة، مقروناً بخطاب علني يثني على مهارات ترامب في إبرام الصفقات وصنع السلام، وإن جاء ذلك بصخب لا يخلو من مجاملة".

وتؤكد الصحيفة، أنّ هذا الانحناء السياسي يثير تساؤلات جدية: هل كان ثمن خسارة الكرامة الأوروبية مبرَّراً؟ الرد من داخل دوائر القرار يأتي بنفي السذاجة والتشديد على "الواقعية العملية"، لكن الوقائع ترسم صورة أكثر تعقيداً.

وأشارت الصحيفة، إلى وجود ثلاث حجج تساق لتبرير هذا الموقف: أولاً، لا ضرر من الثناء طالما أن التصريحات لا تُكلّف شيئاً. ثانياً، التفاهم مع واشنطن، رغم تنازلاته، يبقى أفضل من بدائل أكثر قسوة، كالتخلي عن دعم أوكرانيا أو الدخول في مواجهة اقتصادية شاملة".

أما الثالث، فهو أنّ بعض صناع القرار الأوروبيين يرون أنه رغم إقرارهم بأن وعودهم لترامب، من رفع الإنفاق الدفاعي إلى خطط استثمارية ضخمة داخل الولايات المتحدة، ليست سوى وعود جوفاء، إلا أنّ ذلك اعتُبر نجاحاً دبلوماسياً أوروبياً.

وأضافت "فايننشال تايمز"، أنّ هذه المقاربة تفشل حتى وفق شروطها، إذ إنها تعمّق ارتهان أوروبا لإدارة أميركية معادية. وعوض أن تكون الواقعية وسيلة لتعزيز الاستقلالية، تتحول إلى انتهازية تُضعف موقف أوروبا وتُقوّض مصالحها.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ ترامب، الذي يدرك تماماً قوة الخطاب السياسي، لا يرى في المديح الأوروبي المجاني مجرد مجاملة، بل اعترافاً ضمنياً بنموذج سلطوي قائم على الاستعراض الإعلامي وتطويع الحقيقة.

وأضافت: "هكذا لم تعد مظاهر الغضب والتسلط تصرّفات شاذة، بل باتت طقوساً مقبولة في الساحة الدولية، يُكرّسها تأييد أوروبي لمشهد سياسي بات يُدار وفق منطق العروض التلفزيونية".

كذلك، أشارت صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن أوروبا، في تعاملها مع إدارة ترامب، تخلّت عن أدواتها السياسية والقانونية، بما في ذلك قدرتها على اتهامه بانتهاك المعاهدات الدولية، مثل مبادئ منظمة التجارة العالمية المتعلقة بمبدأ الأمة الأكثر تفضيلاً.

وتساءلت الصحيفة، إذا قبل الاتحاد الأوروبي بما وصفه الاقتصادي ريتشارد بالدوين بـ"عقيدة المظالم" التي يتبناها ترامب تجاه العولمة، فكيف يمكن له التصدي للقوى المناهضة لأوروبا في الداخل، وهي التي تزدهر على مثل هذه المواقف؟

الصحيفة رأت أنّه كان هناك مسار آخر ممكن. ففي شباط/فبراير، تصدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عندما وبخه ترامب في المكتب البيضاوي، لافتةً إلى أنّه "إذا كان قادة أوروبا الآخرون بحاجة لأخذ درس من البيت الأبيض، لكان هذا هو الدرس الصحيح الذي ينبغي اتباعه".

اقرأ أيضاً: "نيويورك تايمز": فانس طالب زيلنسكي بالانضباط أمام ترامب خلال لقاء البيت الأبيض